فوزية صالح الحبشي
Area of Research
Recommended Readings

حفل التراث العربي القديم بالكثير من النصوص السردية التي أثبتت براعة المرأة في استخدام اللغة حتى غدت محفا تاريخيا في فضاء السرد الأنثوي الخالد. من بن هذه النصوص يبرز لنا حديث «أم زرع »، وهو نص موثق بالأسانيد الصحيحة، وشرحه ما يقارب عشرة من العلماء 1» ، كل شرح في مجلد. وأعظمُ مَن شرحه: القاضي عياض، قاضي المغرب وعالمها، وابن حجر العسقلاني شرحه يما يقارب ثلاثن صفحة. وقد وُصف بأنه حديث عجيب، وأراه حقا عجيبا!! فعائشة تحكي وتروي، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ينصت ويحتوي.

لذا قامت هذه الدراسة للبحث عن مواطن العجب، بقراءة النص قراءة تحليلية أدبية مستعينة بشروح ابن حجر العسقلاني فيما استغلق علينا من معنى، ومسترشدة بما توصلت إليه المناهج الحديثة، بما فيها لسانيات النص ومناهج تحليل الخطاب، وهو ما من شأنه أن يكشف جماليات النص الشريف ويستنطق ما يحتويه من معان ودلالات، وذلك لتحقيق الأهداف التالية:

  1. استنطاق جماليات العلاقة بن الجنسن والكشف عن بعض الزوايا النفسية من هذا النص الذي يعد مستودعا ومخزونا نفيسا لا ينبغي الاقتصار في دراسته على الأمور الشرعية والبلاغية، بل ينبغي أن يتعداها إلى النفسية، والثقافية، والأخلاقية، والتاريخية.
  2. إثبات خطأ تلك الرؤية المتطرفة التي تعتقد أن الدين الإسامي كان له موقف صارم من «السرد الجاهلي 2» لأنه -على حد زعمها- كان حاما لمنظومة قيمية مخالفة. فورود هذا النص في كتب الصحاح كان داحضا بكل رفق تلك المزاعم المرجفة، ومثبتا تغلغل الإسام في حياة الإنسان، ذائبا في شرايين حياته وعلاقاته الخاصة والعامة، فهو دين الحياة والإنسان والعمار والإعمار، ينفتح على ثقافة الآخر ويتقبلها ... حتى في حالة خلوها من القيمة التربوية المباشرة. وليس أدل على ذلك من تناوُل جهابذة الحديث لشرح نص حوى سردا لنسوة جاهليات يتحدثن عن أزواجهن مادحات وذامّات، بل إن في وصفهن ما يشي بطبيعة العلاقة الخاصة جدا بن الرجل والمرأة في أسلوب أدبي بالغ ذي دلالة إيحائية مكثفة.
  3. إثبات أن الفكر الإسامي يمتلك عمقا في الفهم، وجمالية في التلقي، من خال ردة فعل المتلقي الأول صلى الله عليه وسلم للتشكيل السردي النسوي الجاهلي، الذي برز من خال إنصاته، ومن ثم التعليق عليه تعليقا يكشف وصول الرسالة المتضمنة المتوارية خلف إيحائية السرد.
  4. إبراز الجانب المشرق للتراث الأنثوي القديم مقابل تلك الرؤية السوداوية القاتمة التي رأت بأن «كل ما نتلقاه من أدب وتراث عن المرأة هو من ناتج هذه الصورة الخرساء لذلك الجسد النائي. وهذه ليى وعزة وبثينة من المعشوقات الهلاميات )الخُرْس( مثل الات والعزَّى ومناة، ممن لم نسمع لهن صوتا ولم نتصور وجودهن الفاعل، لأن اللغة لم تُردْهن للكلام، وإنما أرادت سكوتهن وتعليقهن في سماء الخيال المجنِّح »3 فكانت هذه الدراسة لتعلي من صوت الأنثى الذي لم يصمت يوما، كاشفةً عن مهارة حوَّاء الأزلية في الحكي، وفطرتها التي جبلت على تشكيل السرد، معضدة هذه الرؤية بآراء قديمة وحديثة.
View Publication

Post your Comments

Your email address will not be published*

Add new comment

Restricted HTML

  • Allowed HTML tags: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • Lines and paragraphs break automatically.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

The content of this field is kept private and will not be shown publicly.