CILE
توطين علم الجينوم في الخليج العربي: سؤال الأخلاق الطبية من منظور إسلامي

نبذة عن المشروع البحثي

مع بداية القرن الحادي والعشرين، تم إنجاز مشروع "الجينوم البشري"، الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع عدد من الدول الأخرى حول العالم. وقد تمت مقارنة هذا الإنجاز بنجاح الإنسان في الهبوط على سطح القمر. وبالتوازي مع هذا المشروع ولدراسة أبعاده الأخلاقية، تم إطلاق مشروع بحثي آخر بعنوان "برنامج الانعكاسات الأخلاقية والقانونية والاجتماعية (Ethical, Legal and Social Implications (ELSI) Program)". ذلك أن النجاحات التي يتم إحرازها في مجال أبحاث الجينوم وتطبيقاتها غالبا ما تترافق مع عدد من الإشكالات والتحديات الأخلاقية التي لا تقل تعقيدا عن الأبحاث العلمية.

وقد شهدت منطقة الخليج اهتماما واضحا بهذا المجال وسعيا حثيثا للحاق بما يعرف بثورة الجينوم، وذلك لأسباب عديدة من بينها الإمكانات الواعدة للتطبيقات التكنولوجية لعلم الجينوم فيما يتعلق بتحسين مجالات الرعاية الصحية والطبية، وخاصة مجال الأمراض الوراثية المنتشرة في منطقة الخليج. ففي عام 2013، أعلنت سمو الشيخة موزا بنت ناصر انطلاق المشروع الوطني لأبحاث الجينوم في قطر والمعرف بــ "قطر جينوم". وفي عام 2003، تم تأسيس المركز العربي للدراسات الجينية في دبي، الإمارات العربية المتحدة. وفي عام 2008، تم الإعلان عن الانتهاء من تسلسل أول جينوم عربي في المملكة العربية السعودية، وذلك ضمن "مشروع الجينوم البشري العربي" والذي بلغت ميزانيته 133.5 مليون دولار. لكن وسط هذا الزخم من المبادرات والمشاريع العلمية، يلحظ المتابع غياب قاعدة معرفية، على غرار "برنامج الانعكاسات الأخلاقية والقانونية والاجتماعية"، تدرس التقاطعات بين البحوث العلمية وتطبيقاتها في مجال الجينوم من جهة والأخلاق الإسلامية من جهة أخرى. بحيث نتجاوز الخطاب العلماني الذي سيطر على هذه النقاشات الأخلاقية في العالم الغربي. ويسعى هذا المشروع البحثي إلى سد هذا الفراغ القائم وتقديم مبادرة رائدة تبرز الدور المحوري الذي يمكن أن يضطلع به الخطاب الإسلامي في مثل هذه النقاشات وفي معالجة التحديات الأخلاقية المعاصرة.

يهدف هذا المشروع إلى تقديم خطاب إسلامي أخلاقي متعدد الأبعاد والمستويات، وثيق الصلة بأصول وجذور التراث الإسلامي ويمهد الطريق في الوقت ذاته لحوار بناء مع التقاليد والفلسفات الأخرى في عالمنا المعاصر. ولتحقيق هذا الهدف، سوف يضم المشروع كوكبة من الخبراء والباحثين المرموقين في مجالات معرفية متخلفة، على رأسها الدراسات الإسلامية والعلوم الطبية والحيوية. كما يسعى هذا المشروع إلى التنسيق وتضافر الجهود مع مشروع جينوم قطر وغيره من المبادرات والمشاريع العلمية في مجال الجينوم، كما يهدف إلى النظر في مدى إمكانية تفعيل نتائج المشروع البحثي من خلال منظومة القوانين واللوائح والسياسات المعمول بها في دولة قطر ومنطقة الخليج وغيرها من دول العالم. وتتضمن أهداف المشروع كذلك إنتاج بحوث علمية محكمة بالإضافة إلى مقالات تكون متاحة على الإنترنت وعبر بعض التطبيقات لعامة القراء. وبالجملة، نسعى من خلال هذا المشروع لتقديم نموذج للتواصل والحوار بين الإسلام والعلم، وذلك عن طريق طرح عدد من المقاربات والمناهج والإشكالات والمفاهيم التي تساهم في مد الجسور بين هذين المصدرين المعرفيين. ومن المأمول أن يساعد هذا النموذج، من خلال أطروحة تتميز بالشمول وبالصلة الوثيقة بالتراث الإسلامي، كلا من المنظمات والهيئات والحكومات التي تسعى لمواجهة التحديات التي تقابلها المجتمعات المسلمة في عصر الحداثة، وخاصة فيما يتعلق باستخدام التطبيقات التكنولوجية لعلم الجينوم.         

أضف تعليقاتك

Your email address will not be published*

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.