#CILE2019 دراسة تحليلية لتأثير أخلاق العولمة على التزام الشركات الاقتصادية بالمسؤولية الاجتماعية بالاعتماد على نموذج PESTEL

غضبان حسام الدين*

روينة عبد السميع*

 

[تم تقديم هذا البحث في المؤتمر الدولي السابع لمركز دراسات التشريع الاسلامي والأخلاق - 23 مارس 2019]

 

ملخص البحث

في ظل تفشي العولمة وما صاحبها من إفرازات سلبية متعددة الجوانب على شعوب العالم الثالث انتشرت العديد من السلوكيات الانتهازية وغير الأخلاقية كاستغلال البشر، توغل رأس المال، تبييض الأموال، التحايل، هدم القيم والثقافات....، والتي زادت حدتها بتشابك المصالح وتداخل العلاقات في إطار ما يسمى النظام الجديد حتى اعتبرت هذه السلوكيات اليوم بمثابة أخلاق النظام العالمي الذي يشهد توجها استراتيجيا نحو الاندماج في تكتلات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة سواء اقتصاديا، سياسيا أو اجتماعيا. كما أصبحت هذه الأخلاق تتحكم في مصير شعوب بأسرها و ترسم لها خارطة طريقها ومكونات شخصيتها خاصة من خلال ممارسات الشركات المتعددة الجنسيات التي نجحت في إعادة رسم المحيط السياسي -الاقتصادي- الاجتماعي – التكنولوجي- البيئي- القانوني والذي يصطلح عبيه اختصارا ببيئة أو نموذج (PESTEL).

ففي خضم هذه التحولات والانتشار الرهيب لأخلاق العولمة أصبحت مصالح المجتمع وقضاياه في طي النسيان بالرغم من المزايا التي يسوقها أنصار العولمة لتبييض صورتها من تطور وتحضر وإزالة للحدود ورقي للمجتمع...، ما عجل بضرورة المسارعة إلى كبح تأثير هذه الأخلاق من خلال الدعوة إلى تبني المسؤولية الاجتماعية التي طرحها شلدون سنة 1923 ثم المسؤولية الاجتماعية لرجل الأعمال التي طرحها بويال سنة 1953 بغرض الموازنة على الأقل بين الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والمساهمة في تنمية المجتمع وحماية البيئة. وعليه فأخلاق النظام العالمي اليوم هي المحدد لطبيعة وحجم المسؤولية الاجتماعية الموجهة لخدمة الشعوب على مستوى جميع المجالات والمسؤولة عن إبراز النوايا الطيبة اتجاههم. وهو ما سنحاول إبرازه في هذا البحث من خلال دراسة إشكالية مختلف تأثيرات أخلاق العولمة المنتشرة والمتحكمة اليوم في استراتيجية الشركات الكبرى على تطوير ممارسة المسؤولية الاجتماعية بالدول النامية من خلال نموذج PESTEL.

 

مقدمة

إن ادعاءات أنصار العولمة ورفعهم لرايات التحضر والتقدم لشعوب العالم لا يحجب الطابع الاستغلالي لهذه الظاهرة ومناقضتها للإنسانية والأخلاق الحميدة، وإن اختلفت الأدوات والوسائل المستخدمة ومن أهمها الشركات الاقتصادية التي لا تقتصر فقط على الشركات المتعددة الجنسيات فقط بل حذت حذوها الشركات الوطنية في التخلي عن مسؤوليتها الاجتماعية والاهتمام بالجانب المادي البراغماتي على حساب مصلحة المجتمع واحتياجاته التنموية على المديين المتوسط والطويل. فاهتمام الشركات الاقتصادية بالمسؤولية الاجتماعية لا يعتبر فضلا أو مساعدة منها للمجتمع وإنما هو بمثابة "رد الجميل" لهذا الأخير نظير احتضانه لهذه الشركات وقبوله نشاطها والتعامل معها.

عديد التطورات التي ساهمت في انتشار المسؤولية الاجتماعية كممارسة إدارية يجب على الشركات الاقتصادية الالتزام بها، لكن هذا لم يكن بحجم الآمال والطموحات التي كانت معلقة عليها ولا بنفس الفعالية الملموسة القادرة على إحداث التغيير المنشود في المجتمع على المستويات المختلفة، ربما نظرا لقوة تأثير أخلاق العولمة وتفوقها على المبادئ الأخلاقية للشركات إن كانت فعلا تمتلك بعضا منها على شاكلة الصراع والتناقض بين الخير والشر.         إن المسؤولية الاجتماعية اليوم وفي ظل أخلاق العولمة عرفت مصير الشعارات الأخرى التي تم ركنها على الجنب بمرور الوقت أو كما يسميها الباحثون الوجه الأبيض للعولمة، أين لم تعد تظهر إلا كوسيلة تسويقية لزيادة المبيعات أو الاستثمار في الدول الأخرى خاصة دول العام الثالث، التي أثقل كاهل مجتمعاتها السياسات الاستعمارية والضغوطات الممارسة على إيديولوجيتها لتقبل عولمة الأشياء بما تتضمنه من سياسات، أفكار، عادات، خطط.... وليس هذا فقط ما يميز المسؤولية الاجتماعية في إطار أخلاق العولمة، وإنما ضيق مساحة وهامش ممارساتها واقتصارها على ثلاثة مجالات فحسب مقابل تزايد نشاط الشركات وتأثيرها في مجالات عديدة...، وعليه في هذه الحالة فلم تشهد المجتمعات أي تنمية حقيقية تساعدها على تجاوز مصاعب الحياة.  لذلك كان مقترح بحثنا يتمحور حول دراسة تأثير أخلاق العولمة على التزام الشركات الاقتصادية بالمسؤولية الاجتماعية بالاعتماد على نموذج PESTEL، الذي نراه مناسبا لتغطية جميع مجالات التأثير التي يمكن أن يفرزه أداء الشركات الاقتصادية.

ونسعى من خلال هذا البحث إلى دراسة تأثير أخلاق العولمة وأفكارها على التزام الشركات الاقتصادية بمسؤوليتها الاجتماعية في مجالات البيئة الخارجية العامة بالاعتماد على مجالات نموذج التشخيص الاستراتيجي  PESTEL( المجالات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، التكنولوجية، البيئية، القانونية) . ومن ثم اقتراح بعض الحلول التي نراها مناسبة لتطوير ممارسات المسؤولية الاجتماعية في ظل هذه الظروف التي يعيشها العالم.

وسنعتمد على المنهج التحليلي الذي هو في الغالب امتداد للمنهج الوصفي، حيث سنحاول معرفة لماذا وكيف؟ تؤثر أخلاقيات العولمة على التزامات الشركات الاقتصادية. لن نغوص كثيرا في الجانب الوصفي للموضوع على اعتبار أن متغيرات الدراسة وصفت بشكل مجرد وغير مترابط في أكثر من مرجع. إنما ما يهمنا هو الربط بين هاته المتغيرات ومن ثم المرور إلى تحليل تأثير المتغير المستقل (أخلاق العولمة) على المتغير التابع (التزام الشركات الاقتصادية بالمسؤولية الاجتماعية) في ظل المتغير المعدل ( نموذج PESTEL).  والشكل الموالي (الشكل رقم 01) يوضح ذلك:

 

فيديو

 


* الدكتور غضبان حسام الدين، أستاذ محاضر (أ) متخصص في إدارة الأعمال، جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر.

* الدكتورة روينة عبد السميع، أستاذ محاضر (أ) متخصصة في الإدارة العامة، جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر.


 

أضف تعليقاتك

Your email address will not be published*

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

إدارة اشتراكاتك في الرسائل الإخبارية
اختر نشرة أو أكثر ترغب في الاشتراك فيها، أو في إلغاء اشتراكك فيها.
حتى تصلكم رسائل بآخر فعالياتنا وبمستجدات المركز

عنوان البريد الإلكتروني للمشترك

Copyright © 2011-2024 جميع الحقوق محفوظة مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق