الربا والفائدة بين الفقه والاقتصاد

كمال توفيق حطاب*

 

مقدمة

يتفق الفقهاء والمفسرون على أن الربا كان من آخر ما حرم في القرآن الكريم، وبالرغم من اتفاق علماء الأمة قديماً وحديثاً على حرمة الربا وشدة خطورته، إلا أنهم اختلفوا اختلافاً واسعاً حول كثير من فروعه وجزئياته، مثل حقيقة الأموال الربوية وما يندرج تحتها، وما العلة المشتركة الجامعة بين الأموال الربوية، وكذلك جزئيات الربا الخفي.. الخ

كما اختلفوا حديثاً حول حكم التعامل بالفائدة المصرفية، خاصة في البلدان غير الإسلامية، فهل الفائدة تختلف عن الربا؟ وهل هناك اتفاق على حرمة الفائدة؟

ما هو الربا المقطوع بحرمته؟ وما الحكمة في ذلك؟ وهل الفائدة مقطوع بحرمتها؟ وهل حكمة تحريمها هي نفس حكمة تحريم الربا؟ وهل يختلف النظام الاقتصادي الإسلامي عن الغربي في موضوع تحريم الربا فقط؟ ما أثر الخلافات الفقهية حول تحديد الربا وصوره المحرمة على بعض المعاملات في الدول الغربية مثل الرهن العقاري وقروض الطلبة؟ هذه هي أهم المحاور التي سوف يتم مناقشتها في هذه الدراسة، وذلك في المباحث التالية:

  • المبحث الأول: الربا: حقيقته وأقسامه
  • المبحث الثاني: حقيقة سعر الفائدة في الاقتصاد والقانون
  • المبحث الثالث: الربا والفائدة ومقاصد تحريمها
  • المبحث الرابع: حكم تعامل المسلمين بالفائدة في الدول الأجنبية

 

المبحث الأول: الربا: حقيقته وأقسامه

يكاد يتفق العلماء المعاصرون على أن الربا في الشريعة الإسلامية قسمان: ربا ديون وربا بيوع.

القسم الأول:

ربا الديون أو ربا النسيئة أو ربا القرض وهو الزيادة المشروطة التي يتقاضاها الدائن من مدينه نظير الأجل، وإذا ما عجز المدين عن السداد فإن الزيادة سوف تتضاعف وتتضاعف، وهو الربا الذي كان معروفاً في الجاهلية ولذلك يسمى أحياناً بربا الجاهلية، يقول ابن العربي "وكان الربا عندهم معروفاً، يبايع الرجل الرجل إلى أجل، فإذا حل الأجل قال أتقضي أم تربي، يعني أم تزيدني على مالي عليك وأصبر أجلاً آخر"[1]، كما أن تحريمه جاء بالقرآن الكريم ولذلك تطلق عليه بعض المصادر ربا القرآن، كما أنه ربا واضح جلي ولذلك يسمى بالربا الجلي.

القسم الثاني:

ربا البيوع ويسمى ربا السنة لأن تحريمه جاء بالسنة من خلال أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو نوعان:

  1. ربا الفضل: وقد ذكر الفقهاء له تعريفات عديدة منها: "زيادة عين مال شرطت في عقد بيع على المعيار الشرعي عند اتحاد الجنس"[2]  وعرفه ابن عابدين "فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال"[3]. وعرفه الشافعية بأنه "البيع مع زيادة أحد العوضين" وعرفه الحنابلة بأنه "الزيادة في أحد البدلين المتفقين جنساً من المكيلات والموزونات [4].

ويمكن تبسيط التعريفات السابقة بالقول بأن ربا الفضل يحدث في حالة بيع المال الربوي بجنسه متفاضلاً. مثل بيع الذهب بالذهب متفاضلاً، كالدينار بالدينارين أو الدرهم بالدرهمين أو الدولار بالدولارين...إلخ.

  1. ربا النَّساء: وهو بيع مؤخر البدلين أو هو بيع المال الربوي بجنسه أو بغير جنسه مؤجلاً. مثل بيع الدينار بالدينار مؤجلاً أو بيع الدينار بعشرة دراهم مؤجلة. ودليل هذا التحريم: روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح، مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» وفي رواية عبادة بن الصامت «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد»[5].

 

إن الإسلام عندما حرم الربا وتشدد في تحريمه وحارب آكليه وكل المتعاملين به، فإنما كان يريد القضاء على الظلم الناجم عنه، وبالتالي تطهير المجتمع من الاستغلال والحقد والكراهية، وإن هذه الآثار التي كانت تنجم عن مبادلة صاع تمر بصاعين، أو دينار بدينارين، لا زالت تظهر وبشكل أكثر خطورة عند مبادلة ألف دولار بألفين، مئة طن من القمح بمئتين.

فإذا كان ربا الديون واضحاً في حقيقته وآثاره ولا يخفى على أحد، فإن هناك نوعاً آخر من الربا، قد يلتبس على الناس، ويزينون لأنفسهم التعامل به، مع أنه يؤدي إلى آثار خطيرة، هذا النوع هو ربا البيوع والذي أشار إليه الحديث السابق في أكثر من عشرين رواية، ولم يكن ربا البيوع معروفاً عند العرب في الجاهلية، ولم يرد ذكره في القرآن، ولذلك فقد جاء تحريمه بالسنة وسمي بربا السنة.

ومن الملاحظ في البداية أن هذه الأصناف الستة التي أشار إليها الحديث كانت هي أبرز وأهم السلع التي تستخدم كنقود (الذهب والفضة) أو تقوم مقام النقود (بقية الأصناف) في عهده – صلى الله عليه ولسلم – وما دامت كذلك فلا داعي لمبادلتها ببعضها من جنسها لأن هذه المبادلة لا يتصور وجود النفع الأساسي أو الضروري فيها وإنما هو نفع ترفي، كأن يكون أحد البدلين أجود أو أكثر صفاء أو نقاء، والنظام الإسلامي يضيق الكماليات والترفيات، خاصة في مثل عصر النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث كان المجتمع بسيطاً محدوداً في موارده وإمكانياته، وما ورد من إباحته صلى الله عليه وسلم للعرايا- وهي مبادلة التمر بالرطب - كان محدوداً وفي ظروف خاصة.

وبالإضافة إلى ما تقدم يمكن اعتبار التحريم سداً لذرائع ربا الديون[6]:-

فالشريعة الإسلامية لم تحرم شيئاً إلا وقد أغلقت كافة المنافذ التي توصل إليه، ومن ذلك ربا الديون، فقد أغلقت الشريعة كافة المنافذ الموصلة إليه، ومنها ربا الفضل وربا النساء، فالزيادة في بيع المال الربوي بجنسه إذا أبيحت فإنها تكون سبباً لإباحة ربا الديون فيما بعد، ولو سمح بالربا القليل أو بالحصول على الربا بطرق غير مباشرة أو سمح بالمنافذ للربا لأدى ذلك إلى التعامل بالربا من أوسع أبوابه، ولنمت في الناس عقلية المرابين وتقوى بهم الجشع وداء الاستزادة[7].

يقول ابن القيم: "فمنعهم من ربا الفضل لما يخاف عليهم من ربا النسيئة، وذلك أنهم إذا باعوا درهماً بدرهمين - ولا يفعل هذا إلا للتفاوت الذي بين الدرهمين، إما في الجودة، وإما في السكة، وإما في الثقل والخفة وغير ذلك - تدرجوا بالربح المعجل فيهما إلى الربح المؤخر، وهو عين ربا النسيئة وهي ذريعة قريبة جداً"[8].

فإذا سمح ببيع دينار بدينارين فوراً، أو درهم بدرهمين فوراً، فما المانع أن يسمح بذلك مؤجلاً، وإذا سمح به مؤجلاً فهو عين ربا النسيئة.

 

المبحث الثاني: حقيقة سعر الفائدة في الاقتصاد والقانون

يفرق الفكر الاقتصادي بين الربا (usury) وسعر الفائدة(interest) ، ففي حين يزخر الفكر الاقتصادي القديم بكراهيته ومحاربته للربا، نجد أن الفكر الاقتصادي الحديث يرحب بالفائدة ولا يتصور وجود اقتصاد بدون فائدة.

ففي الفكر الاقتصادي القديم ومنذ أيام الإغريق نهى أفلاطون في كتابه القانون عن الربا وكان أرسطو يلعن الربا والمرابين، ويعتبر أن النقود لا تلد النقود، واعتقد بلوتارك أن المرابين أكثر ظلماً من الغزاة الأجانب، وكذلك في العصور الوسطى نجد توما الأكويني يحذر من الربا وكذلك لينكول أوريزم، ووضعت الكنيسة المرابين في خانة المومسات، وكانت صارمة في قراراتها بتحريم الربا، واستمرت كذلك حتى عام 1917 حيث اعترف الفاتيكان رسمياً بمشروعية الفائدة[9].

واستمرت كراهية الربا والمرابين إلى ما بعد الثورة الفرنسية وظهور التيارات الليبرالية. حيث بدأ ظهور النظريات التي تبرر الربا، وأخذت تطلق عليه سعر الفائدة. ونصت بعض القوانين على جواز فرض نسبة معينة لا تتعدى 4% على القروض أطلق عليها الفائدة، فإذا ما تجاوزت الفائدة النسبة القانونية أصبحت ربا ممنوعا[10].

وفي الوقت الذي لا يفرق فيه الفكر الاقتصادي بين الفائدة والربا من حيث المضمون فكلاهما يقصد به ثمن استعمال النقود، نجد أن القانون قد فرق بين الفائدة القانونية والفائدة غير القانونية، وأطلق الربا على الفائدة غير القانونية. أي النسبة المئوية التي تتعدى تلك النسبة التي يسمح بها القانون. غير أن أصحاب المصالح لم يستسلموا لما يفرضه القانون، وانتصرت محاولاتهم لمنع الدولة من التدخل لتحديد سقف للفائدة، وبالتالي صارت الفائدة والربا بمعنى واحد[11].

ففي عام 1974 صدر في بريطانيا قانون الائتمان الاستهلاكي، وبموجبه تم رفع القيود وتحرير معدلات (أسعار) الفائدة، وصار على المقترضين الضعفاء إثبات استغلالهم أمام المحاكم، كل حسب ظروفه[12].

وفي أمريكا، تم التخلي أيضاً عن قانون الربا Usury Law، منذ ثمانينات القرن العشرين، وسار عدد آخر من البلدان في الطريق نفسه. وبذلك انتهى التمييز نهائياً بين الربا والفائدة في القانون وفي الفكر الاقتصادي. لم يكن تمييزاً صحيحاً، بل ربما كان مرحلة في الطريق إلى إباحة الربا أو الفائدة.

مما تقدم يظهر لنا أن التمييز بين الربا والفائدة لم يكن تمييزاً صحيحاً، بل كان مرحلة في طريق التطور التاريخي لشرعنة الربا تحت مسمى الفائدة، فالربا وسعر الفائدة هما أمر واحد، والبنوك التي تتعامل بسعر الفائدة هي بنوك ربوية. كما أن النظرة إلى المرابين في الفكر الاقتصادي تشمل المتعاملين بالفائدة في البنوك، كما تشمل المتعاملين بالربا من الأفراد أو التجار أو غيرهم.

 

شبهات حول الربا والفائدة

وجد عدد قليل جداً من علماء المسلمين ممن أباح الفائدة على سندات الديون التي تصدرها الدولة أو تصدرها شركات معتمدة من الدولة، بحجج ومبررات واهية[13] من أهمها:

  • أن السندات صورة من صور المضاربة المشروعة.
  • أن السندات تحقق نفعاً للأفراد والأمة.
  • أن في شراء السندات مساعدة للدولة.
  • الفائدة التي يحصل عليها مالك السندات مكافأة أو هبة من الدولة.
  • المعاملة تقوم على التراضي بين الطرفين.

ومن الواضح الجلي ضعف وفساد هذه الأدلة. لأن المضاربة لا يكون الربح مضموناً فيها بأي حال من الأحوال. أما نفع الأفراد أو الأمة فإن الضرر الناجم عن الربا أشد وأكبر، أما مساعدة الدولة فإن نية المساعدة لا تبرر الحرام، أما مسألة المكافأة أو الهبة، فالنص في عقود السندات على إلزامية الفائدة. وكذلك فإن التراضي بين الأطراف لا يبرر ارتكاب الحرام بأي حال.

وبناء على تقدم فقد اتفق علماء المسلمين وأوصت قرارات مجامعهم، ابتداء من مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة، وانتهاء بقرارات مجمع الفقه الإسلامي في مكة وجدة، بأن سعر الفائدة هو الربا الحرام[14].

 

شبهة: لا ربا إلا الربا المضاعف

ذهب الشيخ عبد العزيز جاويش إلى أن "الربا الذي كان معروفاً في الجاهلية هو ربا الديون المضاعف، فالربا الذي ليس فيه مضاعفة، لم يحرم في الكتاب، ومعنى ذلك: أن القرض إذا كان بفائدة قليلة فهو ليس ربا؟؟ ولكن الرجوع إلى القرآن الكريم، وقوله تعالى ﴿وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾ [البقرة:279] يظهر قطعاً أن أي زيادة قليلة أو كبيرة هي زيادة محرمة، فرأس المال هو أصل الدين، وهو ما يحق لصاحبه استرداده فقط، وكل ما زاد فوق ذلك فهو ربا.

 

شبهة: الربا هو الزيادة بعد انقضاء الأجل وليست الزيادة المشروطة في العقد الأول

وهذه شبهة ثانية ذكرها الشيخ محمد رشيد رضا، ويرددها البعض في العصر الحاضر، وهي قولهم "أن الربا هو الزيادة بعد حلول الأجل، مثل قولهم في الجاهلية إما أن تقضي وإما أن تربي، أما الزيادة المشروطة المتفق عليها بداية فهي ليست من الربا".

ويرد على ذلك بأن النصوص الشرعية والفقهية تثبت غير ذلك، فالآيات والأحاديث توضح أن الزيادة المشروطة في القروض ربا. فالآية المتقدمة تنص على أن للدائن رأس ماله فقط سواء، ولا فرق بين اتفاق على الزيادة منذ البداية، أو بعد حلول الأجل. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع كل ربا الجاهلية وبدأ بربا عمه العباس. ومن جهة أخرى فإذا كان الربا أو الزيادة في العقد الأول ليس ربا، فما الذي يمنع المدين أن يعقد عقداً جديداً في كل سنة؟ بل إن المرابين يمكن أن يتفقوا على تبادل المدينين في كل سنة تجنباً للزيادة مقابل التأجيل.

 

شبهة: تغير الظروف والضرورة والمصلحة

ذهب الشيخ عبد الجليل عيسى إلى ضرورة التيسير على الناس، نظراً لتغير الظروف، ووجود الضرورة والمصلحة، فالمفسدة المفضية إلى تحريم إذا عارضتها مصلحة وحاجة أبيح المحرم.

ويرد عليه[15] بأن الضرورة لا يتصور أن تقوم في نظام بكامله، بل تكون في أعمال الآحاد، فلا يمكن أن يكون النظام كله يحتاج إلى الربا كحاجة الجائع الذي يكون في مخمصة إلى أكل الميتة. كما أن المصلحة ينبغي أن تكون مصلحة حقيقية لا وهمية، فمن يظن في إباحة الربا القليل مصلحة مخطئ، كما يخطئ من يقول "القليل من الخمر ينعش القلب".

 

شبهة: الربا يكون في القروض الاستهلاكية وليس في القروض الإنتاجية

ذهب معروف الدواليبي إلى أن الشركات في العصر الحاضر قد تطورت وأصبحت القروض، قروض إنتاج وليست قروض استهلاك، وبالتالي لا مانع أن تباح قروض الإنتاج بفائدة معلومة.

ويرد عليه بأن قروض الإنتاج كانت موجودة في الجاهلية، وكان الناس يقترضون بالربا ليسهموا في قوافل قريش، وكانت الأرباح التي تأتيهم من القوافل أكبر بكثير من الفوائد التي يدفعونا للمرابين.

 

المبحث الثالث: الربا والفائدة ومقاصد تحريمها

إذا تأملنا آيات تحريم الربا في القرآن الكريم، فإننا نجد أنها جاءت تحرم الربا تحريماً قاطعاً، من خلال مشاهد تصويرية حية تخترق أعماق النفوس وتتغلغل في القلوب وتترسخ في الأذهان في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة:275].

إنها حملة مفزعة وتصوير مرعب... صورة الممسوس المصروع... ذلك حال المرابي... ومع أن معظم التفاسير تقول إن هذه صورته يوم القيامة... إلا أن ذلك لا يمنع أن تكون هذه صورته في الدنيا كذلك[16]. ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ هذه كانت حجة أهل الجاهلية الأولى، وهي كذلك حجة المرابين في الجاهليات المعاصرة، إنما البيع مثل الربا، ولكن الله عز وجل، يرد عليهم بأن البيع حلال والربا حرام. والفروق بينهما كبيرة جداً والبون شاسع جداً.

فالبيع عقد معاوضة يقوم البائع فيه بعمل أو جهد، مثل نقل أو تخزين السلعة أو تسمينها في حالة الثروة الحيوانية أو غير ذلك من أشكال الجهود التي تضيف منافع إلى السلع وإلى المجتمع، أما الربا فهو زيادة على القرض، والقرض لا جهد فيه أبداً.

كما أن البائع يتحمل مخاطرة هلاك السلع وبالتالي يمكن أن يربح أو يخسر أما المرابي فلا يخسر أبداً. وإن عملية حسابية بسيطة كما يقول شاخت[17] توضح أن الأموال في العالم سوف تتجمع لدى المرابين لأنهم لا يخسرون أبداً[18] ويترتب على ذلك أن يكون المال دولة بيد هؤلاء المرابين، ويحرم منه معظم البشر.

ومع ذلك، وبالرغم من زيادة التقدم المادي في الغرب وفي مجتمعات المرابين بشكل عام، فإن الله عز وجل يقول: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ [البقرة:276].

إن البركة لا تتحقق بزيادة التقدم المادي أو زيادة متوسط دخل الفرد إلى 78 ألف دولار[19] في بعض الدول الأوروبية أو 47 ألف دولار في أمريكا. أو زيادة معدلات الاستهلاك البروتيني أو الكهربائي أو الصناعي كما يقول خبراء التنمية.

إن التقدم الحقيقي يكون بزيادة الطمأنينة والراحة والسعادة الداخلية...الإشباع الروحي الذي يوجد الرضا والراحة النفسية وهذه الأمور لا تتوفر في الغرب ولا في سائر المجتمعات الربوية، حيث تنتشر العيادات النفسية في كل مكان في تلك المجتمعات.

ونظراً لبشاعة الربا وفحشه، وتعاظم نفوذ المرابين وزيادة قوتهم وسيطرتهم، فقد تطلب الأمر إعلان الحرب عليهم من الله العظيم الجبار المنتقم. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة:278-279].

إن أساس الأزمة المالية العالمية المعاصرة هو المشروعية القانونية للتعامل بالفائدة وكافة الأدوات والأساليب المنبثقة عنها كنظام الرافعة والبيع على المكشوف والهامش وبيوع الآجال والمستقبليات والخيارات. وكل هذه العقود تقوم على الربا المحرم في كافة الديانات السماوية.

فالتعامل بالهامش والاقتراض بالفائدة ونظام الرافعة المالية وكذلك التعامل بالمؤشرات والخيارات والمستقبليات وكافة العقود الآجلة والمعاملات الوهمية كلها ساهمت في الوقوع في الأزمة.

وبشكل مختصر فقد بالغت البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية في منح القروض العقارية بأسعار فائدة قابلة للتغير، دون ضمانات كافية، مما أدى إلى تعثر المدينين عن السداد بسبب ارتفاع سعر الفائدة.

ومن المتفق عليه اقتصادياً أن ارتفاع سعر الفائدة يثبط همم المستثمرين والمنتجين لأن التكاليف سوف تزداد عليهم وتقل أرباحهم، أما انخفاض سعر الفائدة فيعتبر عاملاً قوياً في زيادة الاستثمار والتشغيل، ولذلك نادى العديد من الاقتصاديين بأن يقترب سعر الفائدة من الصفر، حتى يتمكن الجميع من الحصول على التمويل وبالتالي زيادة التشغيل والقضاء على البطالة نهائياً.

إن للربا آثاراً تدميرية على الإنتاج والمنتجين، فالتكاليف في ازدياد دائم، وكذلك الأسعار، مما يؤدي إلى زيادة التضخم بكافة أشكاله وأنواعه. كما أن وجود الفوائد المركبة يزيد في إرهاق المستثمرين والمنتجين ويقلل من قدراتهم على التوسع وزيادة الإنتاج لأن في ذلك رفع للتكاليف وهو ما يؤدي في النهاية إلى تضخم النفقة.

ونظراً لهذه الآثار التدميرية على الاقتصاد والمجتمع، فقد جاءت الآيات القرآنية قبل أربعة عشر قرناً، تعلن الحرب على آكلي الربا وأعوانهم وكل المتعاملين معهم، جاءت الآيات تصف المرابين ودورهم الخبيث في المجتمع، وتعلن الحرب الشاملة التي لا تبقي للربا بقية أو جذور.

إن إلغاء الربا يترتب عليه إلغاء كافة أشكاله وأدواته وآثاره الاقتصادية المدمرة للمجتمعات، ومنها:

  • إلغاء الفوائد المضاعفة والمديونيات المتفاقمة.
  • إلغاء البيع بالهامش والمؤشرات وبيوع الديون، وصرف المليارات الموجهة إليها إلى اغراض حقيقية تنفع الناس وتزيد في رفاهيتهم.
  • خفض الأسعار نتيجة لخفض التكاليف وما يترتب على ذلك من زيادة في الانتاج والتشغيل وبالتالي خفض معدلات البطالة والكساد.

إن الآثار الوخيمة التي تنجم عن التعامل بالربا يعم ضررها وأذاها كافة جوانب المجتمع، فتنعدم الرحمة من القلوب ويعم الحقد والكراهية والبغضاء وتسود أخلاقيات الأنانية والأثرة والجشع والاستغلال وينتشر الغش والخداع والظلم وينجم عن كل ذلك زيادة الخصومات والمنازعات بين الناس.

وإن المتتبع لأحوال المسلمين اليوم وما تضج به المحاكم من قضايا نزاعاتهم وما تنطوي عليه من ظلم، يجد أن للربا دوراً مباشراً في كثير من هذه المنازعات. فالربا يؤدي إلى أن يطلق الرجل زوجته عندما يعجز عن السداد، كما أن كثيراً من الأسر تنهار بعد قيام البنك ببيع مسكن العائلة بالمزاد العلني بسبب عدم القدرة على السداد.

وبالإضافة إلى ما تقدم، هناك آثار اقتصادية عديدة تنجم عن الربا وسعر الفائدة، منها[20]:

  1. ارتفاع الأسعار: عندما يضيف المنتجون والمستثمرون فوائد القروض التي حصلوا عليها إلى تكاليف الإنتاج، فتزداد التكاليف وترتفع أسعار السلع والخدمات.
  2. الكساد: عندما ترتفع أسعار السلع يقل الطلب الكلي عليها وبالتالي يؤدي ذلك إلى كساد السلع، ومن جهة أخرى فإن ارتفاع تكاليف الإنتاج سوف يؤدي إلى خفض أجور العمال، مما يؤدي أيضاً إلى نقص الطلب الكلي وبالتالي الكساد.
  3. البطالة: قد لا يكتفي أصحاب الأعمال والمصانع بتخفيض أجور العمال من أجل خفض التكاليف وإنما يمكن أن يقوموا بالاستغناء عن العديد من العمال، ومن الممكن أن يترك العمال أنفسهم العمل عندما تنخفض أجورهم، مما يؤدي إلى زيادة البطالة في المجتمع. ومن جهة أخرى فإن وجود فئة متعطلة لا وظيفة لها سوى الانتظار من أجل الحصول على فوائد الأموال المودعة يعتبر من أبرز أشكال البطالة، كما أن نمو عقلية المرابين، وتفشي داء الاستزادة في المجتمع يلحق به أفدح الأضرار[21].
  4. زيادة حدة التفاوت بين الناس: يقول صديقي " فالثروة لن تجلب مزيداً من الثروة لأصحابها إلا عندما يؤدي استخدامها فعلاً إلى خلق ثروة"[22] "وفي كثير من الحالات لا يؤدي القرض إلى خلق فائدة إضافية يمكن دفع الفائدة منها إلى المقرض"[23]. وهذا يؤدي إلى حدوث تحويل صافي للموارد من المدينين الذين يشكلون الكثرة إلى الدائنين الذين هم قلة، مما يؤدي إلى زيادة الهوة بين المحرومين والمترفين "إن زيادة تركيز الثروة واستمرار تدفقها من الكثرة إلى القلة، سواء ضمن الأمة الواحدة أم بين الأمم، لا يزالان يولدان توترات اجتماعية وسياسية في صورة ثورات فلاحية وإضرابات عمالية وحروب أهلية وعالمية"[24].
  5. تخفيض الإنتاج والاستثمار: إن رفع سعر الفائدة يؤدي إلى تثبيط همم المستثمرين عن القيام بأية مشاريع جديدة، أما خفض سعر الفائدة فإنه يشجع على زيادة الاستثمار وبالتالي زيادة الإنتاج، ومن باب أولى أن إلغاء سعر الفائدة سوف يشجع بشكل أكبر على زيادة الاستثمار والإنتاج.
  6. تفاقم أزمة المديونية: إن كثرة الاقتراض بالفائدة يوصل الدولة إلى حالة تعجز فيها عن سداد ديونها، وبالتالي تصبح دولة مفلسة، لا يرغب أحد بإقراضها أو التعامل معها، مما يؤدي إلى انهيار قيمة العملة، وعدم القدرة على تأمين الحاجات الأساسية، وما ينجم عنه من ضيق وتدهور في كافة المجالات.

 

المبحث الرابع: حكم تعامل المسلمين بالفائدة في الدول الأجنبية

تأثر بعض الفقهاء المعاصرين بالتقسيمات التي أوردها الفقهاء القدامى للعالم، حيث قسمت معظم المصادر الفقهية القديمة العالم إلى ثلاثة أقسام: دار إسلام، ودار حرب، ودار عهد، وبناء على ذلك قاس البعض منهم الدول الأجنبية في العصر الحاضر على دار الحرب، وأجرى عليها الأحكام التي ذكرها بعض الفقهاء القدامى مثل أبي حنيفة في مسألة لا ربا في دار الحرب. غير أن هذا الرأي لم يكن هو رأي جمهور الفقهاء القدامى، كما أن التقسيمات التي ذكرها الفقهاء القدامى لم تكن تقسيمات قرآنية أو حتى تقسيمات من السنة النبوية، وإنما هي اجتهادات فقهية تتناسب مع الظروف التي عاشها المسلمون الأوائل. وفيما عدا ذلك فإن دول العالم في الوقت الحاضر كلها أعضاء في منظومة دولية بينها اتفاقات ومواثيق وعهود وتفاهمات لا تتناسب مع التقسيمات القديمة باستثناء دولة العدو الصهيوني المحتل.

يرى الشيخ مصطفى السباعي[25]:

  • 1- الأصل في علائقنا مع الشعوب جميعاً المسالمة والمهادنة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة:208].
  • 2- وهذا السلم سلم متعاون بناء لا سلم منكمش منعزل.
  • 3- وهو تعاون يقوم على احترام عقائد الشعوب وحرياتها وأموالها وكرامتها (لا إكراه في الدين).
  • 4- وهو تعاون يحمل على الاستفادة من كل ما عند الشعوب من علم وصناعة وحكمة.

وأما الحرب التي يعلنها الإسلام لتأمين السلام العالمي فهي التي يعبر عنها القرآن بالجهاد في سبيل الله، وهو ليس كما يصوره المتعصبون من الغربيين حرباً دينية لإكراه الناس على الإسلام فذلك ليس من طبيعة الإسلام الذي أعلن حرية العقيدة، وإنما هو معركة يخوضها الإسلام لتحرير الأمة من العدوان الخارجي، ولتأمين الحرية الدينية والعدالة الاجتماعية لجميع الشعوب.

وبناء على ما تقدم فإن غير المسلمين يدخلون بلاد المسلمين بأمان وتنطبق عليهم أحكام المستأمنين، كما أن المسلم الذي يعيش في بلاد غير إسلامية ولكنها ترتبط مع المسلمين بعلاقات ومعاهدات صداقة وحسن جوار، تنطبق عليه نفس الأحكام السابقة، فيجوز له معاملة غير المسلمين والدخول معهم في اتفاقات وعقود وعلاقات تجارية، بشرط عدم مخالفة النصوص والأوامر الشرعية، وعدم التعامل بالمحرمات أو تحريم الحلال وتحليل الحرام.

ولعل من أكثر المشكلات التي يتعرض لها المسلمون في الدول الغربية، مشكلة السكن، خاصة وأنها باهظة الأثمان وتسمح أنظمة البنوك بمنح قروض للسكن بالفائدة. فما حكم تعامل المسلمين بهذه المعاملة؟

حكم شراء المسلمين للمساكن بقرض مصرفي ربوي في البلاد غير الإسلامية

طرح في الآونة الأخيرة سؤال من قبل عدد كبير من المسلمين القاطنين في الدول الغربية، حول حكم شراء بيوت السكنى في الدول الغربية بواسطة قروض بنكية بفائدة، وقد أثار هذا السؤال جدلاً كبيراً بين العلماء، ونعرض فيما يلي لأبرز آراء الفقهاء وأدلتهم، وذلك بعد توضيح السؤال ومبرراته[26]:

ما الحكم الشرعي في شراء بيت في أمريكا بقرض من البنك يجر فائدة؟ ومن المعلوم أن المشتري يخصم له من حساب الضرائب بنسبة ما يتحمل من الفائدة.

مثال: اشترى شخص في حزيران 1985 بيتاً بمبلغ 280 ألف دولار، على أن يدفع سنوياً مبلغ 45 ألف دولار وفاء لثمن البيت وسداد فوائد القرض، وكان يترتب عليه سنوياً مبلغ 40 ألف للضريبة الاتحادية، وبما أنه اشترى البيت فإن الواجب دفعه هو ما بين خمسة إلى سبعة آلاف دولار فقط، فهل يجوز شراء هذا البيت بمثل هذا القرض؟ مع الأخذ بالملحوظات التالية:

  1. إن معظم البيوت المستأجرة في أمريكا اشتريت بقرض من البنك.
  2.  إذا كان المستأجر ذا أسرة كبيرة فإنه لا يمكنه استئجار بيت، ولا بد له من شراء بيت، وإلا سوف يلقى به وبأسرته في الشارع.

 

أبرز الآراء الفقهية والأدلة

أولاً: فتوى الهيئة العامة للفتوى بالكويت

وتضم بدر المتولي عبد الباسط، محمد سليمان الأشقر، عبد الستار أبو غدة، خالد المذكور، فوزي فيض الله.

ونص الفتوى "إن الظروف والملابسات المحيطة بهذه القضية بالنسبة للمسلمين المتواجدين في تلك البلاد، وفي غيبة البدائل المشروعة من قبل مؤسسة مالية تبيع بالأقساط تجعل هناك شبه ضرورة، وهو ما يسميه الفقهاء (الحاجة العامة التي تنزل منزل الضرورة) ولذلك ترى اللجنة بأنه يجوز الإقدام على شراء البيت في أمريكا بقرض من البنك يجر فائدة في هذه الظروف، بسبب الحاجة العامة المنزلة منزلة الضرورة، وذلك إلى أن تتحقق البدائل المشروعة".

 

ثانياً: فتوى الشيخ مصطفى الزرقا

" .. وبعد التأمل ومراجعة النصوص، وجدت أن مذهب الإمام أبي حنيفة وصاحبه الإمام محمد بن الحسن في المسلم إذا دخل دار الحرب أي بلادا غير إسلامية مستأمناً بأمان منهم، يقتضي جواز هذا الاقتراض بفائدة ربوية للمسلم المقيم هناك لأجل شراء بيت لسكناه، إذا كان الواقع كما هو مبين في الصورة".

ثالثاً: موافقة الشيخ القرضاوي لفتوى الزرقا

يقول يوسف القرضاوي "كنت من قبل ربع قرن مخالفاً له، بل من أشد المعارضين له، وقد ظللت على ذلك نحو عشرين سنة أفتي بتحريم هذه المعاملة، وأشدد في ذلك... ولا حرج على العالم المسلم أن يغير اجتهاده... وأقول: لعل الإنسان في شيخوخته يكون أكثر إشفاقاً على خلق الله تعالى، وأكثر رغبة في التيسير عليهم ... أو لعل الإنسان بعد النضج يكون أكثر شجاعة في تبني الرخص والتخفيفات والإعلان عنها، ولا يخاف عواقبها بعد أن أصبح قريباً من لقاء الله تعالى. أياً كان السبب فهذا هو الرأي الذي اقتنعت به، وانتهى إليه اجتهادي، ولا يسع العالم المسلم أن يخون أمانة العلم، ويفتي الناس بعكس ما يقتنع به، بل المطلوب منه شرعاً ألا يكتم ذلك عن الناس، وإلا كان آثماً، وخصوصاً إذا كان فيه تيسير عليهم، ورفع الحرج عنهم"[27].

 

رابعاً: فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء

وقد صدرت عنه فتوى جماعية في دورته الرابعة في مدينة دبلن بجمهورية إيرلندا عام 1999م وهذا نصها "نظر المجلس في هذه القضية التي عمت بها البلوى في أوروبا وفي بلاد الغرب كلها، وهي قضية المنازل التي تشترى بقرض ربوي بواسطة البنوك التقليدية...وقد قدمت إلى المجلس عدة أوراق في الموضوع ما بين مؤيد ومعارض...انتهى بعدها بأغلبية أعضائه إلى يدعو التجمعات الإسلامية في أوروبا إلى أن تفاوض البنوك الأوروبية التقليدية لتحويل هذه المعاملة إلى صيغة مقبولة شرعاً، مثل (بيع التقسيط) الذي يزاد فيه الثمن مقابل الزيادة في الأجل، وإذا لم يكن هذا ولا ذاك ميسراً في الوقت الحاضر، فإن المجلس في ضوء الأدلة والقواعد والاعتبارات الشرعية، لا يرى بأساً من اللجوء إلى هذه الوسيلة، وهي القرض الربوي لشراء بيت يحتاج إليه المسلم لسكناه هو وأسرته، بشرط ألا يكون لديه بيت آخر يغنيه، وأن يكون هو مسكنه الأساسي، وألا يكون عنده من فائض المال ما يمكنه من شرائه بغير هذه الوسيلة"[28].

 

خامساً: فتوى رابطة علماء الشريعة في أمريكا الشمالية

أصدر مؤتمر رابطة علماء الشريعة في أمريكا الشمالية عام 1999م بياناً جاء فيه "استعرض المشاركون في المؤتمر المشكلة التي يعاني منها المقيمون في أمريكا للحصول على بيت للسكن في ضوء التطبيقات المتبعة وهي الاستئجار أو التملك عن طريق القروض وانتهوا إلى ... إذا لم يوجد أحد البدائل المشروعة وأراد المسلم أن يمتلك بيتاً بطريق التسهيلات البنكية فقد ذهب أكثر المشاركين إلى جواز التملك للمسكن عن طريق التسهيلات البنكية (Mortgage) للحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، أي لا بد أن يتوفر هذان السببان: أن يكون المسلم خارج دار الإسلام، وأن تتحقق فيه الحاجة لعامة المقيمين في خارج البلاد الإسلامية، لدفع المفاسد الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والدينية وتحقيق المصالح التي يقتضيها المحافظة على الدين والشخصية الإسلامية، على أن يقتصر على بيت للسكن الذي يحتاج إليه وليس للتجارة أو الاستثمار"[29].

 

أهم الأدلة

استدل المجيزون بعدد كبير من الأدلة أبرزها دليلان، سوف نناقشها تفصيلاً فيما يلي:

 

الدليل الأول: مجموعة من القواعد الشرعية

مثل المشقة تجلب التيسير والضرورات تبيح المحظورات والحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة وخاصة.

فالحاجة إذا لم تلبى أو تشبع يكون المسلم في حرج ومشقة وربما ضرورة، والله تعالى رفع الحرج عن هذه الأمة، قال تعالى ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج:78] والمسكن الذي يدفع عن المسلم الحرج هو المسكن المناسب له في موقعه وفي سعته وفي مرافقه.

ويضيق بعض الفقهاء في مفهوم الضرورة بحيث قد يقصرها على ما يسد الرمق، أو ما يؤدي فقده إلى الهلاك والموت[30]. ويستشهد بقول السيوطي في الأشباه والنظائر "فالضرورة بلوغه حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب وهذا يبيح المحرم."

بينما يتوسع فقهاء آخرون في مفهوم الضرورة، وربما يضمون إليها الحاجة، وذلك لأنهم يرون أن الاقتصار على الضرورة بحدها الأدنى لا بد وأن يؤدي إلى إضعاف المسلم أو إنهاكه والتقليل من إنتاجيته[31].

يقول ابن بية "الحاجة الفقهية الملحقة بالضرورة وهي من باب التوسع في معنى الضرورة والاضطرار، إذ الضرورة لفظ مشكك، وهو كلي يكون معناه أشد في بعض أفراده من بعض، فمن توسع أطلق على الحد الوسيط (الحاجة) ومن لم يتوسع اقتصر على الحد الأعلى الضرورة ... وبذلك ندرك وجود نوعين من الحاجة أحدهما حاجة عامة كلية والأخرى حاجة خاصة شخصية، وحيث إن الحاجة الفقهية ملحقة بالضرورة فقد يختلف في بعض الفروع هل تشترط فيها الضرورة القصوى أو الحاجة؟

ويفرق في موضع آخر بين الضرورة الفقهية والحاجة الفقهية، بأن كلاهما يرفع الحرج مؤقتاً، ولكن الضرورة الفقهية ترفع حكماً دليله قطعي أما الحاجة الفقهية فإنها ترفع حكماً دليله ظني، وهذا ناجم عن اختلاف المشقة فالمشقة في محل الضرورة هي مشقة كبرى، بينما المشقة في محل الحاجة هي مشقة وسطى.

فالضرورة شدة وضيق في المرتبة القصوى تبيح المحرم أما الحاجة فهي مشقة في مرتبة وسطى تلحق بالضرورة في إباحة منهي ضعف دليله، كما أن النهي في الضرورة نهي قوي يقع في أعلى درجات النهي لأن مفسدته قوية فهو نهي المقاصد، بينما تواجه الحاجة نهياً أدنى مرتبة من ذلك لأنه قد يكون نهي الوسائل.

أما مرتبة الدليل الذي ترفع حكمه الضرورة فقد يكون نصاً من كتاب أو سنة أو سواهما أما الدليل الذي تتطرق إليه الحاجة فهو في الغالب عموم ضعيف يخصص، أو قياس لا يطرد في محل الحاجة أو قاعدة يستثنى منها.

وأصل مشروعية الضرورة رفع الحرج والضيق والتيسير وكذلك مشروعية الحاجة لرفع الحرج. يقول ابن تيمية في الفتاوى "والحاجة الشديدة يندفع بها الغرر اليسير والشريعة مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها مصلحة راجحة أبيح المحرم فكيف إذا كانت المفسدة منتفية"[32].

فالغرر قد يجوز إذا كان مضافاً إلى أصل جائز للحاجة بخلاف ما لو كان العقد كله غرر، كذلك فإن اشتمال العقد على معنى الرفق والمعروف يسمح ببعض الغرر أو الجهالة مثل الصيغة التي عرفت عند المالكية ب "أعني بغلامك لأعينك بغلامي" فالإجارة هنا مجهولة المنفعة والثمن ولكن فيها معنى الرفق.

وكذلك التبرعات لا تبطل إذا جمعت حلالاً وحراماً، بل يبطل الجزء الحرام، لأن عقود المعروف والرفق يتسامح فيها.

"ثم إن الحاجة لا يمكن أن تفني العام بمعنى أنه لا يمكن تحت ضغط الحاجة أن نقر أن الغرر كله أصبح جائزاً أو أن بيع ما ليس عندك أصبح جائزاً بل إن الحاجة تتعامل مع جزئيات فقط من هذه العموميات لأن العام نص فيما يصدق عليه أقله فإلغاؤه يصبح إلغاء للنص"[33].

 

الدليل الثاني: لا ربا في دار الحرب

في ظل الأوضاع التي يعيشها المسلمون في كثير من الدول الغربية في الوقت الحاضر، وما يتعرضون له من اضطهاد وتضييق وتمييز، رأى البعض أن حكم التعامل بالربا بين المسلم والحربي في حالة عدم وجود الأمان ينطبق على هذا الوضع. فما هو حكم التعامل بالربا بين المسلم والحربي في حالة عدم وجود الأمان بينهما؟

لعل من أكثر البحوث المعاصرة في هذا الموضوع عمقاً وشمولا بحث نزيه حماد، وقد نشرته مجلة دراسات اقتصادية إسلامية كما نشرت البحوث التي قبله في نفس العدد[34]، ومما جاء في هذا البحث:

اختلف الفقهاء في حكم التعامل بالربا بين المسلم والحربي في دار الإسلام أو غيرها في حالة عدم وجود الأمان بينهما على رأيين:

الأول: جواز التعامل بالربا بين المسلم وغير المسلم، نص على ذلك مجد الدين ابن تيمية في المحرر، حيث قال: "الربا محرم في دار الإسلام والحرب، إلا بين مسلم وحربي لا أمان بينهما"[35].

الثاني: حرمة التعامل بالربا بينهما مطلقاً، أخذا أو إعطاء في دار الإسلام وغيرها على السواء، وبذلك قال الشافعية والحنابلة في الصحيح من المذهب وحكي عن مالك وجمهور الفقهاء. قال في كشاف القناع: "ويحرم الربا بين المسلم والحربي، في دار الإسلام ودار الحرب، ولو لم يكن بينهما أمان، لقوله تعالى ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275] وقال النووي في المجموع: "ولا فرق في تحريمه بين دار الإسلام ودار الحرب".

وقد رجح نزيه حماد الرأي الأول في حالة الحرب وعدم وجود الأمان بقوله: "ولما كان أخذ مال الحربي الذي لا أمان بينه وبين المسلم غصباً وسرقة ونحو ذلك حلالاً في دار الإسلام ودار الحرب، نظراً لعدم عصمة مال الحربي في هذه الحال، ولكونه لا يستنكف عن أخذ مال المسلم بكل وسيلة محرمة قهراً إن استطاع، ولأن كلاً منهما لا يضمن مال صاحبه عند الإتلاف، فإنه يظهر لي جواز أخذ المسلم ماله برضاه عن طريق الربا بالأولى"[36]. أما في حالة الأمان وعدم وجود دار الحرب كما هو الحال في العصر الحاضر فقال بعدم جواز التعامل بالفائدة مهما كانت الظروف.

وقد ناقش القرضاوي ما ذهب إليه نزيه حماد وعلل ذلك بأنه ربما كان متأثراً بظروف المعيشة في كندا حيث ينعم المسلمون بالأمن والسلام ويعيشون في رغد من العيش.

كما ناقش عمر المترك في رسالته للدكتوراه[37]  مسألة الربا في دار الحرب وعرض أدلة الفريقين ورد على المجيزين لأخذ الربا في دار الحرب باعتبار الأحاديث ضعيفة أو أنها لا دلالة فيها، حيث قال: "أما إذا دخل الحربي في دار الإسلام بعهد فلا يجوز معاملته بالربا قولا واحداً، فقد أجمع المسلمون على أنه يحرم في دار الإسلام بين المسلمين وأهل العهد ما يحرم بين المسلمين من المعاملات الفاسدة .."[38].

 

الراجح في مسألة قروض السكن بالفائدة

بالرغم من قوة حجة الفريق الكبير من العلماء والمجالس والهيئات المجيزين للقروض السكنية بالفائدة للضرورة وفي ظل ظروف وشروط خاصة، سبق بيانها، فقد وجد فريق آخر رفضوا مطلقاً هذه الرخصة مثل وهبة الزحيلي[39]،  و رفيق المصري[40]،  ونزيه حماد[41]. إلا أن مراجعة الأدلة التي استدلوا بها، يظهر أنها لا تنهض لدحض حجج وأدلة الفريق الأول، وبالتالي فإن الأخذ بهذه الرخصة وفق شروطها وظروفها وفي حالات فردية[42] هو الأولى والله أعلم.

لا سيما وأن هذه الرخصة تؤدي إلى تحقيق المصلحة ودرء المفسدة عن المسلمين: وذلك من خلال تحقيق الأمور التالية:

  1. وجود المسكن المناسب الذي يمكن المسلم من إعداد بيته وترتيبه بما يلبي حاجته الدينية والاجتماعية.
  2. تقوية المسلمين وحمايتهم من الإذلال والتشرد في بلاد الغرب والمهجر، وتحسين أحوالهم المعيشية حتى يرتفع مستواهم، ويكونوا أهلاً للانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس.
  3.  تحرر المسلمين في الغرب من الضغوط الاقتصادية المفروضة عليهم بحيث يتمكنوا من المحافظة على دينهم والقيام بواجب الدعوة.

 

خاتمة

بعد طول نظر وتأمل وتمحيص، تم التوصل إلى ما يأتي:

  • إن الربا المقطوع بحرمته هو الزيادة المشروطة التي يتقاضاها الدائن من مدينه نظير الأجل، وكذلك الزيادة في الأموال الربوية الستة عندما يتم بيعها بجنسها متفاضلة أو مؤجلة.
  • إن الربا والفائدة يعبران عن ثمن استعمال النقود في الفكر الاقتصادي، ولا فرق بينهما في القوانين المعاصرة.
  • إن من أبرز الحكم لتحريم الفائدة أو الربا بنوعية في الديون والبيوع هوالقضاء على فئة المرابين الطفيلين السلبيين وتشجيع فئة العاملين الإيجابيين المشاركين في العملية الإنتاجية، فبالقضاء على الفئة الأولى ينصرف الناس إلى العمل والتشغيل والإنتاج وبتشجيع الفئة الثانية تزداد عجلة النمو الاقتصادي سرعة بما يؤدي إلى زيادة التقدم والرفاه.
  • في ضوء الظروف الصعبة التي يعيشها بعض المسلمين في الدول الأجنبية أفتى العلماء المعتبرون بالسماح لهم بشراء المساكن بقروض ربوية، كما أفتى البعض بجواز الحصول على قروض ربوية للدراسة، على أن هذه الفتاوى لا يمكن تعميمها على الجميع، ولا تصلح للاستمرار والاضطراد، فهي فتاوى مؤقتة، وحالات فردية، مرتبطة بظروف وضرورات، ينبغي توقف العمل بها في حالة تغير الظروف وتبدل العلل التي هي مناط الأحكام.

 

* الدكتور كمال توفيق محمد حطاب حاصل على دكتوراه في الاقتصاد الإسلامي وهو أستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة اليرموك في الأردن وأستاذ زائر بجامعة الكويت. قدم هذه الورقة للمؤتمر الدولي الثالث لمركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق المنعقد ببروكسيل، بلجيكا في 14-15 مارس 2015.  

 

 

 

الهوامش

 


[1] ابن العربي، أبو بكر. أحكام القرآن. مصر: مطبعة عيسى البابي الحلبي، د.ت، ج 1، ص 241.

[2] الكاساني، علاء الدين. بدائع الصنائع. الطبعة الثانية. بيروت: دار الكتاب العربي، 1982م، ج 5، ص 183.

[3] ابن عابدين، محمد أمين. رد المحتار على الدر المختار. الطبعة الثانية. بيروت: دار الفكر، 1966م، ج 4، ص 184.

[4] النووي، شرف الدين. المجموع شرح المهذب. المدينة المنورة: المكتبة السلفية، د ت، ج 2، ص 21.

[5] النيسابوري، مسلم. صحيح مسلم بشرح النووي. القاهرة: المطبعة المصرية بالأزهر، 1349هـ، ج 11، ص 4.

[6] حطاب، كمال. "نظرات اقتصادية في حكمة تحريم الربا الخفي". مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية. ليبيا، 1999م.

[7] المودودي، أبو الأعلى. الربا. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1979م، ص 95-96.

[8] ابن القيم، محمد بن أبي بكر. أعلام الموقعين عن رب العالمين. بيروت: دار الجيل، ج 2، ص 155.

[9] أنظر: المصري، رفيق. مصرف التنمية الإسلامي. بيروت: مؤسسة الرسالة،1981م، ص 74؛ أبو زهرة، محمد. بحوث في الربا. طبعة دار البحوث العلمية، بيروت، 1970م، ص 12.

[10] يبدو أن الدولة العثمانية لم تكن بعيدة عن هذه التطورات، ففي أواخر عهدها ومع انتشار البنوك الأجنبية فيها، فقد أباحت بعض المحاكم للقضاة أن يحكموا بالفائدة ما دامت لا تصل إلى مثل الدين الأصلي. أنظر: حمود، سامي. تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية. عمان: دار الاتحاد العربي للطباعة، 1976م، ص 212.

[11] المرجع نفسه.

[12] بريسلي وميلز. التمويل الإسلامي بين النظرية والتطبيق. جامعة الإمام محمد بن سعود، كرسي سابك، 2014م، ص 192- 198.

[13]  شبير، محمد عثمان. المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي. عمان: دار النفائس عمان، 1996م، ص 181- 184.

[14] ألف يوسف القرضاوي كتاباً أسماه "فوائد البنوك هي الربا الحرام" رد فيه بالدليل والبرهان على فتوى شيخ الأزهر سيد طنطاوي والذي حاول التفريق بين الربا وسعر الفائدة.

[15] نقل سامي حمود هذا الرد عن محمد أبو زهرة في كتابه بحوث في الربا. طبعة دار البحوث العلمية، بيروت، 1970م، ص 61-62.

[16] قطب، سيد. في ظلال القرآن. الطبعة السابعة عشر. بيروت: دار الشروق، 1992م، ج 1، ص 324.

[17] يقول الدكتور شاخت، مدير بنك الرايخ الألماني سابقاً "إنه بعملية رياضية (غير متناهية) يتضح أن جميع المال صائر إلى عدد قليل جداً من المرابين، ذلك أن الدائن المرابي يربح دائمـاً في كل عمليـة، بينما المدين معرض للربح والخسارة، ومن ثم فإن المال كله في النهايـة لا بد بالحساب الرياضي أن يصير إلى الذي يربح دائماً".

[18] يمتلك 350 مليارديراً في أمريكا أكثر مما يمتلكه نصف سكان العالم، ومن خلال صناديق التحوط وغيرها من الأساليب الربوية، فإن هؤلاء لا يخسرون أبداً، وقد ثبت ذلك خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة، حيث كانت صناديق التحوط هي الأقل خسارة.

[19] كانت السويد من أكثر دول العالم رفاهية من حيث ارتفاع معدل متوسط دخل الفرد، ولكنها في الوقت نفسه كانت من أكثر دول العالم من حيث معدلات الانتحار، وذلك يثبت بشكل واضح أن الأساس المادي الربوي الذي يقومون عليه أوهن من بيت العنكبوت.

[20] أنظر: حطاب، كمال. "منهجية البحث في الاقتصاد الإسلامي وعلاقته بالنصوص الشرعية". مجلة جامعة الملك عبد العزيز (الاقتصاد الإسلامي). جدة، مجلد 16، عدد 2، 2003م؛ العربي، محمد عبد الله. النظم الإسلامية، معهد الدراسات الإسلامية. القاهرة، 1970م، ص 178-180؛ شبير، مرجع سابق، ص 212-213، صديقي، محمد نجاة الله. لماذا المصارف الإسلامية، المعهد العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي. جدة: جامعة الملك عبد العزيز، 1982م، ص 19-29.

[21] المودودي، مرجع سابق، ص 95.

[22] صديقي، مرجع سابق، ص 29.

[23] المرجع نفسه، ص 21.

[24] المرجع نفسه، ص 22.

[25] السباعي، مصطفى. نظام السلم والحرب في الإسلام. الطبعة الثانية. دار الوراق، 1998م، ط 2.

[26] القرضاوي، يوسف. "شراء بيوت السكنى في الغرب عن طريق البنوك". مجلة دراسات اقتصادية إسلامية المعهد الإسلامي للبحوث والتنمية. جدة، 2000م، المجلد الثامن، العدد الأول.

[27] المرجع السابق، ص 24.

[28] المرجع نفسه، ص 31.

[29] المرجع نفسه، ص 40.

[30] المصري، رفيق. "شراء المساكن بقرض مصرفي ربوي للمسلمين في غير بلاد الإسلام". مجلة دراسات اقتصادية إسلامية المعهد الإسلامي للبحوث والتنمية. جدة، 2000م، المجلد الثامن، العدد الأول، ص 162.

[31] المرجع نفسه، 163.

[32] ابن بيه، عبد الله. "الفرق بين الضرورة والحاجة مع بعض التطبيقات المعاصرة". مجلة دراسات اقتصادية إسلامية المعهد الإسلامي للبحوث والتنمية. جدة، 2000م، المجلد الثامن، العدد الأول، ص 136.

[33] المرجع نفسه، ص 143.

[34] حماد، نزيه. "أحكام التعامل بالربا بين المسلمين وغير المسلمين في ظل العلاقات الدولية المعاصرة". مجلة دراسات اقتصادية إسلامية المعهد الإسلامي للبحوث والتنمية. جدة، 2000م، المجلد الثامن، العدد الأول، ص 75- 109.

 [35] ابن تيمية، مجد الدين. المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد ابن حنبل. الرياض: مكتبة المعارف، 1984م، ج 1، ص 318.

[36] حماد، مرجع سابق، ص 80.

[37] المترك، عمر. الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة. الطبعة الثانية. الرياض: دار العاصمة، 1997م، ص 217- 239.

[38] المرجع نفسه، ص 230.

[39] الزحيلي، وهبة. "حكم تعامل الأقليات الإسلامية في الخارج مع البنوك والشركات التي تتعامل بالربا". مجلة دراسات اقتصادية إسلامية المعهد الإسلامي للبحوث والتنمية. جدة، 2000م، المجلد الثامن، العدد الأول، ص 159.

[40] المصري، مرجع سابق، ص 51.

[41] حماد، مرجع سابق، ص 75.

[42] سبق إيراد كلام محمد أبو زهرة في الضرورة وأنها لا تنطبق إلا على حالات فردية، حيث يقول: "الضرورة لا يتصور أن تقوم في نظام بكامله، بل تكون في أعمال الآحاد، فلا يمكن أن يكون النظام كله يحتاج إلى الربا كحاجة الجائع الذي يكون في مخمصة إلى أكل الميتة".

 

 

أضف تعليقاتك

Your email address will not be published*

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

إدارة اشتراكاتك في الرسائل الإخبارية
اختر نشرة أو أكثر ترغب في الاشتراك فيها، أو في إلغاء اشتراكك فيها.
حتى تصلكم رسائل بآخر فعالياتنا وبمستجدات المركز

عنوان البريد الإلكتروني للمشترك

Copyright © 2011-2024 جميع الحقوق محفوظة مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق