الجين والجينوم والفقه المعاصر: إعادة تشكيل العلاقة بين الطب والفقه

05 الأحد 2025

الجين والجينوم والفقه المعاصر: إعادة تشكيل العلاقة بين الطب والفقه

مقدمة العدد[i]

د. محمد غالي[ii]

نقدم في هذه الورقات العدد الخاص "الجين والجينوم والفقه المعاصر: إعادة تشكيل العلاقة بين الطب والفقه" لجمهور وقراء مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، والتي طالما طالعنا إنتاجها العلمي واستفدنا منه على مدار سنوات طويلة مضت، ونقدر للقائمين على هذه المجلة الغراء قبولهم لفكرة موضوع هذا العدد ومناقشة مثل هذه القضايا المستجدة على صفحات المجلة حتى يبقى للفقه الإسلامي إسهاماته في كل ما يجد في حياة الناس. 

تتكون هذه المقدمة من تمهيد ومبحثين وخاتمة. في التمهيد، نشرح فكرة بدن الإنسان كموضوع مشترك بين الطب والفقه. وفي المبحث الأول، نرصد أهم محطات التصورات الطبية لجسد الإنسان عبر التاريخ بداية من مذهب الأخلاط الأربعة ذي الأصول اليونانية القديمة وانتهاء بثورة الجينات وعصر الجينوم، وكيف أثرت هذه التطورات في العلاقة بين الطب والفقه. ونقدم في المبحث الثاني خلاصة البحوث المدرجة ضمن هذا العدد الخاص وأهم الموضوعات والأفكار المطروحة في هذه البحوث. وفي الخاتمة، نشير إلى أحدث الأفكار المنشورة حول التصورات الجديدة لبدن الإنسان في دنيا العلوم الطبية والحيوية آملين أن تفتح مثل هذه الأفكار آفاقا بحثية جديدة للمتخصصين في مجال الفقه الإسلامي وغيره من العلوم الإسلامية.

 

تمهيد: بدن الإنسان موضوعا مشتركا بين الطب والفقه

كان الجسد البشري، ولا يزال، موضوعا مشتركا لعلمي الطب والفقه. فالطبيب يتعامل مع الجسد بغرض الحفاظ على صحته واعتداله أو استردادهما إذا تعرض هذا الجسد لآفة أو علة. والفقيه يتعامل مع الجسد البشري كجزء من ضبط أعمال المكلف وفق الأحكام الشرعية، والجسد هو مطية الإنسان لتنفيذ جل الأحكام والتكاليف الشرعية، كما ذكر الإمام أبو حامد الغزالي (ت. 505/111) في كتابه "إحياء علوم الدين" في مقدمة ربع العادات "أما بعد، فإن مَقْصد ذِي الألبَاب لقاء اللَّه تعالى في دار الثواب ولا طريق إلى الوصول للقاء الله إلا بالعلم والعمل ولا تمكن المواظبة عليهما إلا بسلامة البدن."[iii] وتغص كتب الفقه بالأبواب والأحكام ذات الصلة بالجسد البشري مثل أبواب الطهارة والصلاة والصوم والحج، حيث تتوقف كثير من الأحكام في هذه الأبواب على حالة الجسد، صحة وسقما، فتقل التكاليف الشرعية وتتسع دائرة الرخص كلما تدهورت صحة الجسد. ونجد اهتماما للفقهاء بحالة الجسد في أبواب أخرى مثل باب النكاح، حيث ناقش الفقهاء بعض الأمراض والآفات التي قد تعد عيوبا تخل بمقاصد النكاح وتجيز فسخه. ومن الفقهاء من تحدث عن الأحكام المتعلقة ببعض أجزاء الجسد بشكل مستقل، كما فعل العز بن عبد السلام (ت. 660/1262) في كتابه "قواعد الأحكام في مصالح الأنام"، حيث خصص ثلاثة فصول لهذا الموضوع؛ "فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْأَبْدَانِ" و "فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْجَوَارِحِ" و "فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْحَوَاسِّ".[iv] وألَّف الفقيه تاج الدين الحنفي (ت. 1060/1650) كتابا بعنوان "أحكام المرضى"، استعرض فيه أثر الأمراض التي تعتري البدن على الأحكام الفقهية[v]. ووجود الجسد كموضوع مشترك بين الطب والفقه، يفسر اهتمام الفقهاء في مختلف العصور بما يقدمه الطب من معارف حول الجسد وطبيعة تكوينه والآفات والأمراض التي يمكن أن تصيبه وكيفية التداوي منها ... الخ، لأن هذه المعارف تشكل تصور الفقيه الذي يبني على أساسه الحكم الشرعي. ونظرا لأن تصور الجسد البشري يتعرض للتطوير والتحديث كلما تقدم الطب وتطورت أدواته وتقنياته، فلابد أن يكون لهذه التغيرات أثرها على الفقه ومخرجاته من مؤلفات وفتاوى.

المبحث الأول

تطور التصورات الطبية للجسد البشري: من الأخلاط الأربعة إلى عالم الجينات

في الأزمنة القديمة، سيطرت نظرية الأخلاط الأربعة أو مذهب الأخلاط (humourism) على تصور الطب للجسد البشري، وترجع هذه الأفكار إلى الطب اليوناني القديم ثم اعتمدها الأطباء في مختلف الثقافات بما في ذلك الحضارة الإسلامية وظلت هذه الأفكار مهيمنة على حقل الطب حتى القرن التاسع عشر تقريبا. تقوم هذه النظرية على فكرة رئيسة مفادها وجود أربعة أخلاط أو سوائل داخل الجسد، هي الدم والمرة الصفراء والمرة السوداء والبلغم، وأن وجود نقص أو فائض في هذه الأخلاط الأربعة يؤثر على صحة البدن واستقامته وأن التداوي إنما يكون بإعادة هذه الأخلاط إلى حالة الاعتدال مرة أخرى.[vi] ونظرية الأخلاط هي مجرد جزء من تصور أعم وأشمل للإنسان، بوصفه "الكون الأصغر" (microcosm)، فالكون الأكبر والأوسع (macrocosm) يعتمد أيضا على الرباعيات؛ فإلى جانب الأخلاط الأربعة توجد أربعة عناصر رئيسة هي التراب والهواء والماء والنار ولكل من هذه الأخلاط والعناصر طبائع أربعة هي الحار والبارد والرطب والجاف.[vii] وبالتالي كان تشخيص الأمراض وعلاجها لا يتم بالنظر فقط إلى الجسد وإنما إلى سياق أعم وأشمل مثل جغرافيا ومناخ المكان الذي يعيش فيه الفرد وحالته النفسية وطبيعة الأطعمة التي يتناولها والظرف الزمني (في أي فصل من فصول العام) الذي أصابه فيه المرض. وإجمالا، كان تشخيص المرض وعلاجه يتم بالربط بين الكون الأصغر (الإنسان) والكون الأكبر الذي يعيش فيه هذا الإنسان. وقد وجدت هذه الأفكار طريقها إلى التراث الفقهي وأثرت كثيرا على تصور الفقهاء لطبيعة الإنسان بشكل عام، وليس فقط بينته وتركيبته الجسدية، فنجد مثلا أبا حامد الغزالي يستخدم التصور القائم على الأخلاط عند حديثه عن إصلاح النفس في ربع المهلكات من "إحياء علوم الدين" في كتب مثل "كسر الشهوتين" و "ذم الغرور" و"التوبة" و "الصبر والشكر".[viii] 

ومع مرور الزمن، تجاوز الأطباء تصور بدن الإنسان من خلال نظرية الأخلاط وأفل نجمها، ولم يبق من هذه الأخلاط والسوائل شيء في الطب الحديث إلا الحديث عن الدم، خاصة في مجال المناعة. وتعرض هذا التصور القديم لنقد شديد حتى مِن قِبل الأطباء الذين تخصصوا في مجال المناعة، كما نجد مثلا في كلمة د. تشارلز ريتشيت (Charles Richet) (ت. 1935) الحائز على جائزة نوبل عام 1913. ففي كلمته التي ألقاها في المؤتمر الدولي الثاني لعلم وظائف الأعضاء المنعقد في النمسا عام 1910، انتقد ريتشيت نظرية الأخلاط عند قدماء اليونان ووصفها بالطفولية، وقال إنهم تحدثوا عن مجموعة أخلاط لم يروها بأنفسهم ولم يرها طبيب بعدهم ولن يراها أحد في المستقبل، وذلك لأن هذه المجموعة من الأخلاط لا وجود لها في الواقع، وتسائل مستنكرا "أين هذه المرة السوداء التي تسبب الملنْخُولْيَا (melancholy)؟"[ix] 

ومع القرن التاسع عشر، دخل الطب حقبة ثورية استفاد خلالها من أدوات وتقنيات جديدة سمحت له بالولوج إلى جسد الإنسان والتعرف على تركيبته بشكل أعمق وأدق أثناء حياة المريض، بدلا من أسلوب التشريح الذي يدرس أيضا تركيبة الجسد من الداخل ليتعرف على أسباب الأمراض والآفات، لكن هذا لا يحدث إلا بعد الوفاة. وتعددت أنواع ووظائف هذه الأدوات والتقنيات الجديدة، بداية من سماعة الطبيب (stethoscope) الشهيرة، التي صارت رمزا للطب عموما وجزءا من زي الطبيب وهيئته، والتي نقلت الصوت الموجود داخل جسد المريض إلى أذن الطبيب دون تلامس مباشر.[x] ثم توالت الأدوات الحديثة التي جعلت جسد الإنسان شفافا وقابلا للنظر في داخله والتقاط صور له، مثل أشعة إكس (X-rays) التي اخترعها الفيزيائي والمهندس الميكانيكي الألماني فيلهيم رونتجين (Wilhelm Röntgen) (ت. 1923)، وقد أهَّله هذا الاختراع للحصول على جائزة نوبل عام 1901. وجاء بعد ذلك ما يعرف بالموجة الثانية لتقنية تصوير داخل الجسد (second wave of imaging technology). وقد فتحت هذه الأدوات والتقنيات للطبيب آفاقا واسعة لتشخيص حالة المريض بناء على ملاحظة مباشرة ودقيقه لجسده، أو كما أسماها بعض المؤرخين "تشريح الجسد الحي".[xi] وكان لهذه التقنيات التشخيصية الحديثة أثرا بالغا في إعادة تصور الجسد البشري ومن ثم إعادة النظر في مناهج علم الطب عموما، فبدلا من نظرية الأخلاط الأربعة التي تعتمد على دراسة كل مريض بوصفه حالة مستقلة بذاتها وربط الفرد بالكون الذي يعيش فيه، تم التركيز على دراسة الأمراض وأثرها على عمل الأجهزة الموجودة داخل البدن بشكل عام، لكن ضعف الاهتمام بالسياق أو الكون الأوسع الذي يعيش فيه المريض. وبعد تدوين هذه الدراسات وجمع إحصائيات حول ما تم ملاحظته سريريا أو إكلينيكيا صار للطب قوة وسلطة معرفية لا يستهان بهما.[xii] 

ومن الفتاوى المبكرة التي نلحظ فيها أثر هذه التغيرات الجديدة في الطب الحديث على الخطاب الفقهي، فتوى للشيخ محمد رشيد رضا (ت. 1935) بعنوان "مدة حمل النساء طبا وشرعا" أصدرها عام 1910. ويتحدث الشيخ رشيد رضا في هذه الفتوى عما استقر عند جل الفقهاء القدامى من إمكانية أن تمتد فترة الحمل لسنوات وتعارُض ذلك مع معطيات الطب الحديث. وكانت التقنيات الحديثة التي أشرنا إليها سابقا عاملا حاسما في ميل الشيخ رشيد رضا إلى الأخذ برأي الأطباء المعاصرين، معللا ذلك بأن آراء الفقهاء تخالف "ما قرره أطباء هذا العصر من جميع الملل والنحل على سعة علمهم بالطب والتشريح، وعلم وظائف الأعضاء (physiologie)، واستعانتهم في بحثهم واختبارهم بالآلات، والمجسات، والمسابير، والأشعة التي تخترق الجلد واللحم فتجعل البدن شفافًا يظهر ما في داخله يرى بالعينين، وعلى بناء علمهم على التجربة والاستقراء، واستعانة بعضهم في ذلك ببعض على اختلاف الأقطار بسهولة المواصلة البريدية والبرقية."[xiii]

أما القرن العشرون، فقد شهد تصورا جديدا وثوريا للبدن. فبعد أن تمكنت أدوات القرن التاسع من اختراق الجسد ورؤية ما في داخله من أجهزة وأعضاء أثناء حياة الإنسان، تمكن إنسان القرن العشرين من الغوص أكثر فأكثر داخل هذا البدن وتشريح أجزائه الدقيقة والمتناهية في الصغر. وأظهر التصور الجديد للبدن، أن هذا الجسد الذي نراه مكونا من أعضاء وأنسجة تتكون لبنات بنائه من خلايا يصل عددها إلى حوالي 37 تريليون خلية، بداخل كل منها نواة. وداخل نواة كل خلية، فيما عدا استثناءات محدودة، يوجد ما يعرف بـ"الدنا" (DNA)، والذي تم اكتشاف تركيبته عام 1953، وداخل الدنا توجد الجينات التي تصنع البروتين الذي تحتاجه الخلايا لإتمام عملياتها المختلفة داخل البدن. وفي مطلع القرن الحادي والعشرين تم إنجاز "مشروع الجينوم البشري" الذي كشف عن المعلومات المسطورة داخل كامل التركيبية الجينية للإنسان. وبالتالي، صار الإنسان أمام اكتشاف لمصنع جديد داخل البدن لم يعرفه أسلافنا من قبل. وهذا المصنع الجديد، المعروف بالتركيبة الجينية للبدن أو النمط الجيني أو النسخة الرقمية كما أسمتها بعض البحوث المنشورة في هذا العدد، ليس فقط مسؤولا عن العلميات المختلفة التي تتم داخل الجسم وإنما كاشف كذلك عن كم هائل من المعلومات عن صاحب البدن متعلقة بماضيه القريب والبعيد ومستقبله القريب والبعيد كذلك. وكان هذا التصور الجديد ثمرة بلوغ رحلة استكشاف جسد الإنسان من الداخل آفاقا بعيدة سلَّحت الطب بمزيد من المعلومات الدقيقة التي عززت سلطته المعرفية، إلا أنها أضعفت مرة أخرى الاهتمام بدراسة الصلة بين الإنسان والكون الأكبر الذي يعيش فيه ودور هذه الصلة في حالتي الصحة والمرض.  

المبحث الثاني: مادة العدد

ويأتي هذا العدد الخاص من "مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية" الغراء لدراسة وتحليل الاشتباك المعرفي للفقه المعاصر مع تصورات الطب الحديث لبدن الإنسان في عصر الجين والجينوم. ويمكن تقسيم لبحوث التي تشكل مادة هذا العدد إلى ثلاثة أقسام رئيسة على النحو التالي: 

(1) تأطير العلاقة بين الطب والفقه في عصر ثورة الجينات

يؤطر القسم الأول من هذا العدد، ويتضمن بحثين، للعلاقة بين الطب والفقه بشكل عام وأثر التطورات الطبية الحديثة على الفقه المعاصر، وخاصة في عصر الجينات. ويبدأ هذا القسم ببحث د. معتز الخطيب "الفتوى في المسائل الطبية" الذي يناقش عددا من القضايا المنهجية في العلاقة بين الطب والفتوى، باعتبارها واحدة من أهم مخرجات الفقه الإسلامي التي تعالج قضايا المجتمع ونوازله. وقد استعرض الباحث عددا من التغيرات التي طرأت على كل من مجالي الطب والفتوى، ومدى تأثير هذه التغيرات على طبيعة العلاقة بين هذين المجالين قديما وحديثا. كما تطرق الباحث إلى أثر هذه التغيرات على مسالك الفتوى بداية بحقبة الاجتهاد ثم عصر التقليد المذهبي ثم الدعوة إلى الاجتهاد وعدم التقيد بمذهب واحد ثم ظهور الاجتهاد الجماعي ومأسسته. وخلص الباحث إلى أن الفتوى في الأمور الطبية الحديثة تتردد بين مسالك ثلاثة؛ المسلك القياسي الذي يعتمد على إلحاق القضايا المستجدة بأشباهها ونظائرها في الفقه الموروث، ومسلك المقاصد والقواعد الكلية الذي يقوم على النظر العقلي في غياب النص المباشر ويعتمد آليات مثل المصالح المرسلة والاستحسان وغيرهما، ويقوم المسلك الثالث على الجمع بين المسلكين الأول والثاني. 

وفي البحث الثاني في هذا القسم، "الجين ومنظومة الطب الحديث في المدونة الفقهية المعاصرة"، يدرس د. محمد غالي أثر ثورة الجينات في مجال الطب وفي علاقته بالفقه المعاصر؛ كيف غير الجين وجه الطب الحديث وما أثر هذا التغيير على خريطة الفقه المعاصر؟ وقد ركز د. غالي على الكتب والبحوث الفقهية التي أسماها في مقاله ب"المدونة الفقهية المعاصرة"، ويتكون المقال من ثلاثة مباحث رئيسة. يناقش المبحث الأول ثورة الجينات وكيف غيرت هذه الثورة الجديدة من فلسفة الطب وغاياته ومقاصده. ويستعرض المبحث الثاني ما أنتجته المدونة الفقهية المعاصرة لمواكبة القضايا والإشكالات التي أثارتها ثورة الجينات، وكيف حاول هذا الإنتاج الفقهي الجمع بين استيعاب هذه النوازل الجديدة وتصورها تصورا صحيحا من ناحية والالتزام بأدوات وآليات الاجتهاد ذات القدم الراسخة في التراث الفقهي والأصولي من ناحية أخرى. وفي المبحث الثالث، يقدم المؤلف بعض الرؤى والتصورات النقدية لتعامل المدونة الفقهية مع سؤالات الجين، ويخلص إلى القول بأن التصور الصحيح والشامل لقضايا الجين لا يكفي فيه النظر في مصادر العلوم الطبية والحيوية فقط، وإنما يستدعي مطالعة الإنتاج العلمي لحقول معرفية أخرى مثل فلسفة العلوم والأخلاق الطبية وغيرها، وهو ما ينشغل به نوع حديث نسبيا من الدراسات الأكاديمية تعرف بالدراسات البينية (interdisciplinary studies). 

وبعد طرح القضايا الرئيسة التي تؤطر للعلاقة بين الطب والفقه في عصر الجين على بساط البحث، تعالج البحوث المدرجة ضمن القسمين الثاني والثالث من هذا العدد الخاص قضايا تطبيقية محددة أثارتها تقنيات الوراثة وهي على الترتيب: "الفحص الجيني قبل الزواج" في القسم الثاني و"النتائج العرضية في البحوث الجينية" في القسم الثالث.

(2) الفحوص الجينية 

كما أشرنا سابقا، تمكن الطب في عصر الجين من الكشف عن مكنون الجسد البشري على مستوى جزيئاته المتناهية في الدقة، ومنها جزيء "الجين" الذي فتح آفاقا جديدة في تعرف الإنسان على نفسه. فهذه الجينات تشكل جزءا هاما من التركيبة الجينية للجسد التي تنتقل من السلف إلى الخلف، وهذه التركيبة الجينية لا تكشف لنا فقط عن الحالة الصحية (أو المرضية) للإنسان في الوقت الراهن، وإنما تنبئ كذلك عن إمكانية تعرضه هو أو بعض ذريته مستقبلا لأمراض جينية معنية، ومن هنا أصبح "التنبؤ" بوقوع المرض من وظائف الطب الحديث. فصار مثلا من الممكن، عن طريق فحص التركيبة الجينية للأشخاص الراغبين في الإنجاب، معرفة نِسَب واحتمالات إصابة ذرية هؤلاء الأشخاص بأمراض جينية بالرغم من أن هذه الذرية لم تأت بعد إلى عالم الوجود. ومن هنا برزت تساؤلات عدة حول مدى مشروعية عمل هذه الفحوصات الجينية سواء للمقبلين على الزواج أو إلزامهم بها، وما الأثر الشرعي لنتائج هذه الفحوصات على عقد النكاح وآثاره الشرعية، أو إجراء هذه الفحوص على النطف البشرية قبل غرسها في الرحم أو أثناء الحمل أو على الأطفال بعد الولادة. ويعالج هذا القسم جانبا من هذه التساؤلات من خلال خمسة بحوث مختلفة.

يبدأ هذا القسم ببحثين يقدمان استعراضا عاما للعلاقة بين الفحوص الجينية والفقه المعاصر، يركز البحث الأول على التصور العلمي والأخلاقي للفحوص الجينية والثاني على الآراء الفقهية المتعلقة بهذه الفحوص. ففي بحثه "الاستشارة الوراثية وتقنيات الإنجاب في الفقه المعاصر"، خصَّص د. أيمن شبانه جزءا كبيرا لشرح أمور ذات صلة بكيفية تصور التقنيات الوراثية التي أتاحت هذه الفحوص الجديدة وأهم الإشكالات والمعضلات ذات الصلة. وناقش الباحث مواقف الفقهاء المعاصرين تجاه إجراء الأنواع المختلفة من هذه الفحوص الجينية. وانتهى الباحث إلى ضرورة توسيع دائرة النقاشات الإسلامية في هذه الموضوعات الشائكة والمتشعبة، وذلك بإضافة البعد العقدي الذي يتجاوز التقييم الفقهي القائم على حساب المصالح والمفاسد، بحيث تشتمل هذه النقاشات على مفاهيم شرعية أعم وأشمل، مثل الخلق والتقدير والجبر والاختيار وحدود حرية الإنسان.  وفي البحث الثاني "الإشكالات الواردة على قضايا الفحص الجيني من منظور فقهي إسلامي"، استعرض مؤلفه د. عبد الله بن الجديع أهم الإشكالات المتعلقة بإجراء الفحوص الجينية وقدم تصورا فقهيا للتعامل مع كل إشكال.  وقد اعتمد د. الجديع، في معالجته لهذه الإشكالات، تقسيمات مختلفة لتقديم المنظور الفقهي بشكل منهجي ومتسق، مثل التفرقة بين الإشكالات المتعلقة بالفحص الجيني أو تلك المتعلقة بالشخص المراد فحصه أو الإشكالات ذات الصلة بمن يقوم بإجراء الفحص الجيني. 

أما البحثان الثالث والرابع في هذا القسم، فقد سعيا إلى تقديم مقاربة مقاصدية لأسئلة الفحوص الجينية من خلال توظيف عدد من القواعد والمبادئ العامة بهدف تقديم إجابات مباشرة وإجراءات عملية تساعد العاملين في مجال الاسترشاد الوراثي. ففي بحثها "الاسترشاد الوراثي -رؤية مقاصدية- بين حفظ كلية النسل وفقه الموازنات"، قدمت د. فريدة زوزو دراسة نظرية لمقصد حفظ النسل الوثيق الصلة بالقضايا المتعلقة بالفحوص الجينية وأتبعتها بدراسة تطبيقية على هذه الفحوص، ثم ختمت بحثها بصياغة عدد من الضوابط التي ينبغي أن تحكم ممارسات العاملين في مجال الاسترشاد الوراثي. وفي البحث الرابع "المبادئ الأخلاقية والقواعد الشرعية للإرشاد الجيني"، قدم أ. ترشين محفوظ و د. رفيس باحمد إطارا نظريا مقترحا للتعامل مع الإشكالات التي تثيرها الفحوص الجينية تمثل في عشرة مبادئ أخلاقية يعين الالتزام بها على معاجلة هذه الإشكالات بالإضافة إلى سبع قيم أخلاقية ينبغي على العاملين في مجال الفحوص الجينية التحلي بها. وفي الجانب التطبيقي، قدم الباحثان نموذجا عمليا للإرشاد الجيني في مجال الزواج والإنجاب.

وبعد دراسة النقاشات الفقهية والأخلاقية، استعرض البحث الخامس والأخير في هذا القسم القوانين المعمول بها والمنظمة للفحوصات الطبية قبل الزواج في البدان العربية والإسلامية، وهو بحث باللغة الإنجليزية بعنوان"The Relevance and Impact of Laws Regulating Premarital Screenings in the Muslim Arab Countries".  واستهل د. شكري الكعلي و د.  رياض العبدلي بحثهما بمقدمة عن بعض الخلفيات التاريخية والنظريات الأخلاقية ذات الصلة بقضايا الفحص الجيني، مثل الأفكار سيئة السمعة المتعلقة بتحسين النسل (eugenics) والتي راجت لفترة زمنية في العالم الغربي وخاصة في ألمانيا النازية، ونظريات أخلاقية مثل الواقعية والمثالية. ثم استعرض الباحثان القوانين المعمول بها في مجال الفحوص الجينية في دول البحرين ومصر والكويت وفلسطين والإمارات والسعودية وتونس، كما أشارا، بهدف المقارنة، إلى قوانين بعض الدول من خارج العالم الإسلامي مثل أمريكا والصين وكندا وفرنسا. 

(3) النتائج العرضية في الفحوص والأبحاث الجينية

مثَّل اكتشاف الإنسان للتركيبة الجينية للبدن أو النسخة الرقمية، كما أشرنا سابقا، تطورا معرفيا جذريا. فقد أصبح لدى الإنسان مدخل للاطلاع على كم هائل من المعلومات عن بدن الإنسان مخزونة في تركيبته الجينية. ولتصور هذا الحجم المذهل من المعلومات، يكفي أن نشير إلى أن القراءة الأولى للجينوم البشري، المتمثلة في مشروع الجينوم البشري الذي تعاونت فيه عدد من دول العالم، استغرقت أكثر من عقد من الزمن للتعرف على حروف هذه النسخة الرقمية التي يبلغ عددها حوالي ثلاث مليارات حرف. وعند إجراء الفحوص الجينية أو الأبحاث العلمية التي تدرس التركيبة الجينية عموما، فإن النظر في هذا الكم الهائل من الحروف أو الجينات لا ينتج فقط معرفة بالأمراض والمعلومات التي يبحث عنها الأطراف المعنية مثل الباحث أو صاحب الجين. ففي مثل هذه الفحوص والبحوث الجينية، يزداد احتمال الوقوف على نتائج لم يكن يقصدها الباحث ولا صاحب العينة، وهو ما يعرف بالنتائج العرضية، وهذه النتائج لا تنحصر في نوع واحد وإنما تتعدد وتختلف بشكل كبير للغاية. فبعض هذه النتائج قد يساعد في إنقاذ حياة شخص كان يمكن أن يتعرض للهلاك لو لم نتعرف عَرضَا على المخاطر الكامنة في تركيبته الجينية، بينما تنبيئ بعض النتائج عن أخطار محققة أو محتملة، لكن لا يوجد لها علاج متاح. بل إن بعض هذه النتائج لا علاقة له بصحة أو اعتلال البدن وإنما بأمور أخرى ذات حساسية، مثل نَسَب الإنسان وأصوله العرقية. 

وفي هذا القسم، تناول بحثان الإشكالات المتعلقة بالتعامل مع هذه النتائج العرضية. في البحث الأول "الإدارة الأخلاقية للنتائج العرضية في البحوث الجينيّة من وجهة نظر إسلاميّة"، بدأ د. محمد نعيم ياسين بمقدمة نظرية عن طرق الكشف عن مراد الله تعالى في مثل هذه القضايا المستجدة التي لا يجد الفقيه فيها نصوصا شرعية مباشرة، وبالتالي لا يوجد للشارع فيها بيان خاص. وتحدث د. نعيم ياسين في هذا السياق عن ضرورة الاجتهاد الجماعي متمثلا في التعاون بين أهل الاختصاص في العلم والمتخصصون في الفقه والعلوم الشرعية للكشف عن مراد الشارع في مثل هذه القضايا. ورأى المؤلف أن المنظور الشرعي للتعامل مع النتائج العرضية، كشفا أو إخفاء، يدور في الأساس حول ضبط المعايير التي توزن بها مصالح ومفاسد كشف أو عدم كشف هذه النتائج. وبعد أن استعرض عشرة معايير مقترحة في هذا الصدد، قدم المؤلف تطبيقات عملية لهذه المعايير تساعد في تحديد المنظور الشرعي للتعامل مع النتائج العرضية، معتمدا على أسئلة ونماذج وردت في بحث سابق قدمه عدد من الباحثين في مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش"[xiv] وشارك د. نعيم ياسين في نقاش هذا البحث أثناء فعاليات المؤتمر.[xv]

وفي البحث الثاني والأخير في هذا القسم "تحكيم المقاصد الشرعية في النتائج العرضية للبحوث الجينية"، بدأ د. عبد المجيد النجار بما أسماه " مقدّمات مقاصدية في الذات الإنسانية"، ذلك أن البحوث الجينية ونتائجها، أصلية كانت أو عرضية، تتعلق بذات الإنسان في بعديه الفردي والجماعي. وبالتالي ركز د. النجار حديثه على ثلاثة مقاصد رئيسة؛ حفظ النفس وحفظ المجتمع وحفظ النسل. وفي التكييف الشرعي للتعامل مع النتائج العرضية، انطلق المؤلف من مسلمة مفادها أن البحث الجيني يكون على مادة من جسم الإنسان الذي لا ولاية لأحد عليه سوى صاحبه، وبالتالي ينبغي الحصول على موافقته ورضاه أولا. وبناء على هذا التكييف، فرق المؤلف بين أحكام النتائج العرضية في حال الوضع التعاقدي الرضائي مقابل الوضع الإكراهي. 

 

خاتمة: تصورات جديدة في الأفق

بعد كتابها الشهير Century of the Gene (قرن الجين ([xvi]، نشرت مؤلفة الكتاب، د. إيفيلين كيلر (Evelyn Keller) أستاذة التاريخ وفلسفة العلوم في معهد ماساشوتس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، بحوثا لاحقة سجلت فيها بعض الأفكار المهمة التي تلقي الضوء على تصورات جديدة لبدن الإنسان في ميدان العلوم الطبية والحيوية.[xvii] فمع شيوع مفهوم الجين داخل وخارج مجال العلوم الطبية والحيوية حتى اعتبر الجين علما على القرن العشرين، سادت تصورات في الأوساط العلمية والفلسفية تختزل الإنسان في مجموع جيناته التي، وفقا لأصحاب هذه التصورات، لا تتحكم فقط في وظائف بدنه وإنما في جل أو ربما كل شؤونه وميوله واختياراته في الحياة. وظهرت مصطلحات مختلفة تعبر عن هذه التصورات مثل الاختزال الجيني (genetic reductionism) والجبرية الجينية (genetic determinism) وغيرها. وقد صرحت د. كيلر بأن تصورات مثل الاختزال الجيني كانت رائجة بين جمهور المتخصصين في علم الوراثة وقت نشرها للكتاب. ولا شك أن مثل هذه التصورات كانت موجهة وملهمة، بل وحاكمة أحيانا، في عمل وتطوير الفحوص الجينية والتقنيات المختلفة للكشف عن الجينات وما بها من "خلل" أو "عطب" يمكن أن يكون مسؤولا عن أمراض قائمة أو محتملة مستقبلا، ثم توسع مجال هذه التقنيات ليتجاوز مرحلة الكشف إلى آفاق التعديل والتطوير و"تحرير" هذه الجينات كما يتم تحرير النصوص المكتوبة وتعديلها، وبالتالي إعادة تشكيل الإنسان لذاته رغبة في الحصول على "الإنسان الكامل" صاحب الجينات القوية.  لكن د. كيلر أضافت في بحوثها اللاحقة بأن أمورا مهمة قد تغيرت في ميدان العلوم الطبية والحيوية تؤدي في النهاية إلى تهافت هذه التصورات، حتى عند من كان مؤمنا بها في السابق. فبدلا من هذه النظرة الاختزالية للجسد ولطبيعة الإنسان بشكل عام، بدأ يحل محلها ما يمكن تسميته بالتصورات المنظومية (system-wide approaches).[xviii] وفي هذه التصورات المنظومية، لا يقتصر النظر على "مكونات" معينة في البدن بوصفها وحدة بناء للجسد أو الكائن الحي عموما، مثل الخلية أو الجين تحديدا كما حدث في القرن العشرين، وإنما يمتد إلى "المنظومات" المعقدة التي تترابط فيها هذه المكونات المختلفة وتتفاعل مع بعضها البعض داخل البدن ومع عوامل أخرى خارج البدن مثل البيئة التي يعيش فيها الإنسان.[xix] 

وقد أصبحت هذه التصورات الجديدة لجسد الإنسان وطبيعته بشكل عام محل نقاش جاد وعميق بين فلاسفة العلوم والتكنولوجيا من ناحية وبين المتخصصين في علم الوراثة من ناحية أخرى، وهناك شبه اتفاق على أن هذه التصورات العلمية الجديدة لا بد لها من مقابل فلسفي وأخلاق جديد يراعي التغيرات التي طرأت على العلوم الطبية والحيوية وينظر الى الإنسان بشمولية أكبر وأوسع من منظار الجين.[xx]  وفي هذه التصورات الجديدة لم يعد الجين، أو التركيبة الجينية للإنسان بشكل عام، هي "الفاعل" الرئيس بل هي أحيانا "مفعول به" يتشكل وفقا لمؤثرات خارجية تنشط أو تثبط عمل الجينات. فعلى سبيل المثال، تشير أبحاث علمية حديثة إلى تأثير الحالة النفسية للأم، مثل القلق والاكتئاب، قبل وبعد الولادة، على التركيبة الجينية للطفل. كما تشير أبحاث إلى التأثير السلبي للحياة الاجتماعية المنعزلة التي يعيشها الأطفال في دار الأيتام على نمو بعض عناصر المخ والبنية الجسدية لهؤلاء الأطفال. وينطبق الأمر ذاته على عوامل خارجية مختلفة بدأت تثبت الأبحاث تأثيراتها على عمل البدن وتركيبته الجينية مثل نوعية الطعام والمواد الغذائية التي نتناولها والتقدم في العمر ... الخ.[xxi] فبدلا من دراسة تأثير الجينات على حياتنا، صار التركيز الآن على دراسة تأثير أنماط حياتنا على هذه الجينات، وهذا موضوع أحد علوم الوراثة الناشئة والذي يسمى ب "علم ما فوق الجينات" (epigenetics).[xxii] 

والسؤال الذي نختم به هذه المقدمة هو: ما علاقة هذه التصورات الجديدة لجسد الإنسان وطبيعته بالإنتاج الفقهي في صورته الحالية أو في الأجندة البحثية مستقبلا؟ أولا، هذا التتبع التاريخي للتصور الطبي للجسم البشري يدل بوضوح على أن هذه التصورات، وإن اصطبغت بصبغة علمية مبنية على التجربة العملية والنظر الدقيق، إلا أنها غير ثابتة وإنما خاضعة في الغالب للتغير والتطور كلما تغيرت وسائل العلم وأدواته، وكذلك أهدافه ومقاصده. ويعني هذا ضرورة مراجعة الإنتاج الفقهي بشكل مستمر، لأن الآراء الفقهية المبنية على تصور معين للمسألة قد تتغير تماما إذا ثبت مع الوقت عدم دقة هذا التصور أو عدم صحته أصلا. والنقاشات الفقهية التي تعرضت للأحكام ذات الصلة بالتقنيات التي أنتجها علم الوراثة كانت مبنية على التصورات العلمية والطبية التي سادت في تسعينيات القرن العشرين على أقصى تقدير،[xxiii] وهذه هي الفترة التي سادت فيها التصورات الاختزالية لبدن الإنسان في مجموع جيناته، والتي هي الآن جزء من "كلاسيكيات علم الورثة" الذي طرأت عليه تغيرات جذرية في هذا الموضوع تحديدا.[xxiv] ولذلك، فأمام أهل الاختصاص في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية مهمة النهوض بالنظر في هذه التصورات الجديدة والتعامل معها من منظور إسلامي. ونأمل أن تتجاوز البحوث القادمة مجرد "مواكبة" هذه التصورات الجديدة بالإجابة على ما تثيره هذه التصورات من أسئلة وإشكالات وأن تطرح كذلك أسئلة نقدية على هذه التصورات الجديدة نابعة من روح الشريعة وعلومها. فالشمولية المفترضة في التصورات الجديدة للإنسان لا تزال حبيسة الجسد بمفهومه المادي المكون من أعضاء وخلايا وجينات، وإن وسَّعت مجال النظر بدراسة التفاعلات بين هذه المكونات وبين العوامل الخارجية. لكن لا يزال غائبا عن هذه التصورات مفاهيم مركزية في الإسلام مثل الروح، بوصفها مكونا ينتمي إلى الميتافزيقا أو عالم الغيب، التي تسكن البدن وتتفاعل معه وتلعب دورا رئيسا في تشكيل طبيعة الإنسان. 

 

المصادر 

المصادر العربية

. أبقراط الطبيب. عبد الكافي توفيق المرعب. مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق. المجلد 85، الجزء 2: 363-386. 2010 .

أحكام المرضى. تاج الدين الحنفي. ت. محمد سرور البلخي. الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ط: 1997.

.إحياء علوم الدين. أبو حامد الغزالي. بيروت: دار المعرفة. ط: بدون. تاريخ: بدون .

صفحات من تاريخ التراث الطبي العربي الإسلامي. عبد الكريم شحادة. بيروت: أكاديميا. ط: 2005 .

علم الجينوم في منطقة الخليج: إدارة النتائج العرضية من منظور الأخلاق الإسلامية. محمد غالي وآخرون. الدوحة: مركز دراسات التشريع الإسلامي .

.  والأخلاق ومؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش". ط: 2016

قواعد الأحكام في مصالح الأنام. العز بن عبد السلام. القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية. ط: 1991 .

مدة حمل النساء طبا وشرعا.  مجلة المنار. الجزء 12 المجلد 12: 900-904. 1910 .

 

المصادر الإنجليزية

  • Baedke, Jan (2018). Above the Gene, Beyond Biology: Toward a Philosophy of Epigenetics. University of Pittsburgh Press.

  • Grant, Mark (2000). Galen on Food and Diet . London: Routledge. 
  • Griffiths, Paul and Karola Stotz (2013). Genetics and Philosophy: An Introduction. Cambridge: Cambridge University Press.

  • Haslberger, Alexander and Sabine Greßler (eds.) (2010). Epigenetics and Human Health: Linking Hereditary, Environmental and Nutritional Aspects. Wiley-Blackwell. 

  • Keller, Evelyn (2002). The Century of the Gene. Cambridge, MA: Harvard University Press.

  • Keller, Evelyn (2005). The Century Beyond the Gene. Journal of Biosciences 30 (1): 3-10 

  • Keller, Evelyn (2014). From Gene Action to Reactive Genomes. The Journal of Physiology 592 (11): 2423–2429.

  • Lock, Margaret (2015). Comprehending the Body in the Era of the Epigenome. Current Anthropology 56 (2): 151-177. 

  • Longrigg, James (1993). Greek Rational Medicine: Philosophy and Medicine from Alcmaeon to the Alexandrians. London: Routledge.

  • Magner, Lois (2005). A History of Medicine. London: Taylor & Francis Group. Second edition.

  • Richet, Charles (1910). An Address on Ancient Humorism and Modern Humorism. British Medical Journal, 2 (2596): 921-926.


 


[i] ولدت فكرة هذا العدد وتشكلت مادته البحثية أثناء مؤتمر "الأخلاقيات والسياسات وأفضل الممارسات في الطب الدقيق" المنعقد في الدوحة خلال الفترة 29-30 إبريل 2018 بالدوحة، فالشكر موصول هنا للقائمين على برنامج جينوم قطر (Qatar Genome Programme) الذي قام بتنظيم المؤتمر بالتعاون مع مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق ووزارة الصحة العامة بقطر. وتم تخصيص اليوم الثاني من المؤتمر لمناقشة القضايا الأخلاقية ذات الصلة من منظور إسلامي. وينبغي التنويه هنا أنه قد تم إنجاز هذ العدد الخاص في إطار المشروع البحثي “توطين علم الجينوم في الخليج العربي: سؤال الأخلاق الطبية الإسلامية (Indigenizing Genomics in the Gulf Region (IGGR): The Missing Islamic Bioethical Discourse)” بتمويل من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي والمسجل برقم NPRP8-1620-6-057. علما بأن المسؤولية عن البيانات والمعلومات تقع بالكامل على عاتق المؤلفين. كما أقدم شكري لمساعدة الأبحاث في هذا المشروع، أ. شيماء مصطفى، لمساعدتها في تنسيق البحوث ومراجعة بعض النصوص. 

[ii] أستاذ الأخلاق الطبية والحيوية في الإسلام - كلية الدراسات الإسلامية - جامعة حمد بن خليفة، قطر. mghaly@hbku.edu.qa 

[iii] إحياء علوم الدين (2:2). 

[iv] قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1: 223-235).

[v] أحكام المرضى.

[vi] وقد وضع الطبيب اليوناني الشهير، أبقراط (Hippocrates) الأفكار التأسيسية لنظرية الأخلاط في كتاب له بعنوان "طبيعة الإنسان" (Nature of Man) وعنوانه باليونانية De Natura Hominis، وهو واحد من أشهر كتب أبقراط لدى الأطباء المسلمين والغربيين. انظر صفحات من تاريخ التراث الطبي العربي الإسلامي (ص: 42)؛ أبقراط الطبيب (ص: 378)، وانظر:

Longrigg, James (1993), pp. 90-91; Grant, Mark (2000), pp. 14-36.

[vii] صفحات من تاريخ التراث الطبي العربي الإسلامي (ص: 41-43). وانظر:

Grant, Mark (2000), pp. 14-18.

 

[viii] إحياء علوم الدين (3:87، 388، 4:8، 16، 75، 114).

[ix] انظر: 

Richet, Charles (1910), p. 921. 

[x] وكلمة stethoscope منحوتة من كلمتين في اللغة اليونانية، هما "stethos" وتعني الصدر و "skopein"وتعني يرى أو يشاهد. وقام باختراع هذه الآلة، الطبيب الفرنسي رينيه لاينيك (René Laennec) (ت. 1826). انظر:

Magner, Lois (2005), pp. 348, 545.

[xi] انظر:

Magner, Lois (2005), pp. 545, 549. 

 

[xii] انظر:

Magner, Lois (2005), pp. 548

 

[xiii] مدة حمل النساء طبا وشرعا (ص: 903).

[xiv] انظر: علم الجينوم في منطقة الخليج: إدارة النتائج العرضية من منظور الأخلاق الإسلامية.

[xv] يمكن مشاهدة هذه الحلقة النقاشية عبر هذا الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=DVmbquAeGd4

[xvi] انظر:

Keller, Evelyn (2002).

[xvii] انظر على سبيل المثال:

Keller, Evelyn (2005); Keller, Evelyn (2014).

[xviii] انظر:

Keller, Evelyn (2005), p. 4.

[xix] انظر:

Keller, Evelyn (2005), pp. 4, 9; Griffiths and Stotz (2013), p. 5.

[xx] انظر:

Keller, Evelyn (2005); Griffiths and Stotz (2013); Keller, Evelyn (2014); Lock, Margaret (2015).

[xxi] انظر:

Lock, Margaret (2015), pp. 157-160.

[xxii] انظر:

Haslberger, Alexander and Sabine Greßler (eds.) (2010); Baedke, Jan (2018)

[xxiii]  في بحثه "الجين ومنظومة الطب الحديث في المدونة الفقهية المعاصرة" المدرج في هذا العدد الخاص، قام د. محمد غالي بتتبع تاريخي للنقاشات الفقهية حول الجينات. وأظهرت نتائج البحث أن جل هذه النقاشات دارت بين عامي 1993 و2013، وأنه بعد ندوة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية المنعقدة عام 1998 لم تأت الندوات والنقاشات اللاحقة بجديد تقريبا، وخاصة فيما يتعلق بالتصورات العلمية والطبية. وإذا وضعنا في الاعتبار أن الأطباء والمتخصصين في الجينات الذين شاركوا في هذه المؤتمرات قد اعتمدوا على مصادر تم نشرها من قبل، فإن غالب المعارف الطبية والعلمية التي اعتمد عليها الفقهاء في هذه الندوات تعود إلى حقبة الثمانينات أو التسعينات من القرن العشرين على أقصى تقدير.   

[xxiv] انظر:

Griffiths and Stotz (2013), p. 2.